أما النوع فلا يدخل، النوع هو تمام الماهيّة يعني: الحيوان الناطق مركّبة هكذا نسميه نوعاً، تمام الماهيَّة .. كمالُ الماهيّة، فهو ليس بداخل ولا بخارج هذا هو الصحيح فيه. النوع ليس بذاتي ولا بعرضي؛ لأن الذاتي الداخل، والعرضي الخارج.
فحينئذٍ النوع ما حقيقته؟ باتفاق عندهم أنه تمام الماهيَّة يعني: كمالُها المركَّبة والمؤلَّفة من الحيوان الناطق. هل هو داخل؟ لا؛ لأنه ليس هو بالحيوان وليس هو بالناطق، هل هو خارجٌ؟ الجواب: لا. إذاً: ما ليس بداخلٍ ولا بخارجٍ هذا لا يقال بأنه ذاتيٌ ولا عرضي.
وهذا هو الصحيح في النوع، وهو الذي يوافق العقل والنظر هنا .. أنه يقال بأنه لا ذاتيٌ ولا عرضي، لكن بعضهم أدخله في الذاتي على تأويلٍ، وبعضهم أدخله في العرضي على تأويل، فالأقوال في النوع ثلاثة، وإلا باتفاق أن الجنس .. قال الشيخ الأمين رحمه الله تعالى: الجنس والفصل ذاتيان بلا خلاف، والخاصة والعرَض العام عرَضِيان بلا خلاف.
هي الكُلِّيّات خمسةٌ .. هي خمسة. إذاً: أربعة مجمعٌ عليها: الجنس والفصل ذاتيان بلا خلاف، والخاصة والعرَض العام عرَضيان بلا خلاف.
بقي النوع، وفيه ثلاثة مذاهب: أنه ذاتيٌ بناءً على أن كل ما ليس بخارجٍ عن الذاتي فهو ذاتي.
يعني: أحدَثوا تعريفاً للذاتي من أجل إدخاله، قالوا: بناءً على أن كل ما ليس بخارجٍ عن الذاتي فهو ذاتي.
لو أردنا أن نعرّف الذاتي قلنا: الذاتي ما ليس بخارجٍ. بهذا اللفظ: ما ليس بخارجٍ، ماذا يشمل؟
الجنس، والفصل، والنوع.
دخل فيه النوع؛ لأن النوع ليس بخارج، والجنس والفصل واضحان.
النوع ليس بخارج وهو قطعاً ليس بخارج.
إذاً: إذا أردنا أن نجعل النوع ذاتياً فحينئذٍ نقول: الذاتي ما ليس بخارج.
فحينئذٍ ما ليس بخارجٍ يدخل تحته النوع والجنس والفصل؛ لأن النوع ليس بخارج.
ولذلك قال: (إنه ذاتيٌ؛ بناءً على أن كل ما ليس بخارجٍ عن الذات فهو ذاتي).
(القول الثاني: أنه عرضيٌ؛ بناءً على أن كل ما لم يدخل في الذاتي فهو عرضي).
وتمام الماهيّة لم يدخل في الذاتي فهو عرضي.
إذاً: ما تعريف العرَضي؟ ما ليس داخلاً في الذات.
إذاً: شمِل الخاص، والعرض العام، والنوع؛ لأنه ليس داخلاً في الذاتي.
(الثالث) قال: (وهو أقربها إلى الواقع أنه ليس بذاتيٍ ولا عرضيٍ لأنه تمام الماهيّة، فليس جزءاً منها حتى يكون داخلاً فيها.
ومعلومٌ أن الماهيّة لا يمكن خروجه عنها حتى يكون عرضياً) وهو كذلك.
إذاً: قوله هنا: (الَّذِي يَدْخُلُ) هذا نفهم منه أن النوع ليس بذاتي.
قال: (الَّذِي يَدْخُلُ) (هذا إنما يشمل الفصل والجنس؛ لأنهما يدخلان في حقيقة ما تحتهما من الأفراد، فلم يشمل كلامُه النوعَ كالإنسان مثلاً، لأنه حقيقتُه ما تحته من الأفراد).
(لأنه) يعني: الحال والشأن.
حقيقةُ النوع (ما تحته من الأفراد.
فلم يوصَف بكونه داخلاً إلا بنوع تكلف) يعني: من أدخله في الذاتي لا بد أن يتكلَّف على التعاريف السابقة. يقول: العرضي ما ليس بخارجٍ، إذا: الذاتي ما ليس بداخل وما كان تمام الماهيّة، من باب نوع تكلُّف.
(بأن يراد بالدخول عدم الخروج، فبقي داخلا في تعريف العرضي وهو ما لا يدخل .. ) إلى آخره.