ولذلك ننصح في هذا المقام وإن كان فيما سبق يحفظون الشمسية، لكن نقول: لا تحفظون الشمسية؛ لأنها من ضياع الأوقات تعتبر، وإنما تحفظ نظماً، وهذا النظم كما هو معلوم يُعتبر من نوع الرَّجز، ونوع الرجز هذا مستعذبٌ في اللسان وفي الآذان، وإذا حفظه الإنسان يستطيع أن يكرره خاصةً إذا كان النظم سلساً، حينئذٍ إما أن يحفظ السلَّم وهذا لا يكفيه فيما سبق، السلَّم لا يعتبر، كالآجرومية لا تكفيك في باب النحو، وإنما ينظر فيما زاد على ذلك.
فيحفظ السلّم أولاً، ثم بعد ذلك إما الشمسية (نظم الشمسية) وإما التوشيح، الشمسية هذه لبشير الغَزِّي تقع في (235) يعني رُبع ألفية .. قريباً من ذلك.
يقول فيها:
وَهَذِهِ أُرْجُوْزَةٌ سَنِيَّهْ
أنِيقَةُ الأَلفَاظِ وَالمَعانِي ... ضَمَّنتُها مَسَائِلَ الشَّمْسِيَّةْ
تَعْذُبُ فِي الآذَانِ وَالأَذْهَانِ
وليس لها شرحٌ للأسف الشديد، وهذا الذي يجعلنا نعزف عنها، ففيها خمسة أبيات فيها إشكالات وفيها رموز، قرأتُها على أحد المشائخ لكنه فيها أعوازٌ كبير وشيءٌ من الغموض.
ثانياً: توشيح عبد السلام على متن السلم المنورق المسمَّى بالاحمرار, هذا يقع في (440) بيتاً يعني: نصف ألفية تقريباً.
جمع فيه كثيراً من المسائل التي تركها صاحب السلم فألحقها به من عدة شروح يقول في خاتمتها:
نَظَمتُهُ لِلْمُبْتَدِيْنَ تَبْصِرَهْ
مُعْتَمَدِي فِي نَقْلِهِ قَصَّارَهْ
وَأَصْلُه بَنَّانِي ذُوْ التِّبْيَانِ
وَرُبَّمَا زِدْتُ مِنَ المُخْتَصَرهْ
فَجَاءَ نَظْمَاً جَامِعَاً مُبِيْنَا ... وَلِلشُّيُوخِ المُنْتَهِيْنَ تَذْكِرَهْ
جَمِّ المَعَانِي وَاضِحِ الْعِبَارَهْ
وَشَرْحُ قَدُّوْرَةِ ذِي الاِتْقَانِ
وَشَرْحِهَا مَسْأَلَةً مُحَرَّرَهْ
عَلَى مُهِمِّ فَنِّهِ مُعِيْنَا
وهذا أجود، ولو اعتكف عليه طالب العلم وحفظه وفهمه حق الفهم كفاه.
السلّم موجودٌ فيه بلفظه. يعني: من عنده قدرة أن يبدأ في المطولات، وهذا لا يُنصح به، لكن قد يكون شذوذ من قواعد، من شذ واستطاع أن يصبر على المتن فيبدأ به ابتداءً وانتهاءً، يكون هذا الكتاب الذي تبتدئ به، وهو الذي تتوسط به، وهو الذي تنتهي به. لكن يحتاج إلى شرح، فيه شرحٌ لبعض المعاصرين، لكن فيه إعوازٌ، ويحتاج إلى شرح.
وقد شرح التوشيح بعض المعاصرين ولكن فيه إعوازٌ كثير.
وأشملُ النظمين وأوسعها وأسهلها هو التوشيح.
إن يسَّر الله عز وجل نشرحه صوتياً وسيكون قريباً إن شاء الله تعالى، لكن موسَّعاً.
يقول الشوكاني رحمه الله تعالى: وينبغي للطالب أن يطَّلع على مختصرات المنطق، ويأخذه عن شيوخه ويفهم معانيه بعد أن يفهم النحو؛ ليفهم ما يبتدئ به من كتبه ليستعين بذلك على فهم ما يورده المصنفون من مطولات كتب النحو ومتوسطاتها من المباحث النحوية.
"ينبغي" هذه إما على جهة الإيجاب وإما على جهة الاستحباب "ينبغي"، وإن كانت في الشرع تأتي للتحريم المشدد ((وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ)) [مريم:92] وأما في استعمال الفقهاء فقد يعنون بها: ينبغي المستحب، المرادفة عند بعضهم للمستحب.
لكن في مثل هذه المواضع التي ليست في مصاف المسائل الفقهية قد يُحمل على الانبغاء بمعنى الإيجاب أو بمعنى الاستحباب.