(وَهُوَ الَّذِي لاَ يُرُادُ بِالجُزْءِ مِنْهُ دَلاَلَهٌ عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ).
إما مفردٌ وإما مركب يعني يقابله.
قال: (إِمَا مُفْرَدٌ) وأراد أن يفسِّره بتفسيرٍ يختص بهذا العلم؛ إذ المفرد من المصطلحات التي شاع استعمالها عند النحاة وغيرهم كالمناطقة.
فحينئذٍ كل فنٍ له اصطلاحٌ خاصٌ به وهنا في فن المنْطِق أراد أن يفسِّر المفرد بالمعنى المراد عند المناطقة، يعني: هو حقيقة عرفية خاصة، ومعلوم أن الحقائق العرفية منها ما هو عام ومنها ما هو خاص، والخاص هذا يتنوع باختلاف الفنون والعلوم، فالخاص عند الأصوليين ليس كالخاص عند النحاة .. وهكذا.
إذاً: المفرد هنا: حقيقةٌ عرفيةٌ خاصة عند المناطقة، وهذا نَفْهم منه أنه لا يفسَّر المفرد عند النحاة بهذا التعريف الذي سنذكره، وإنما يُفسَّر النحاة عندهم بالنوع الخاص به.
وإذا كان كذلك فقد يوجد في الفن الواحد المصطلح الواحد وله عدة اصطلاحات في مواضع مختلفة كما هو الشأن في المفرد هنا معنا في باب التصور وفي هذا المحل يختلفان.
كما أن المفرد في باب الإعراب وفي باب اسم لا والمناداى، هذا مختلف، في باب المبتدأ ليس هو المفرد في باب الإعراب، مع كونه مصطلحاً واحداً.
إذاً: تختلف المصطلحات من فنٍ إلى فن، بل قد يختلف الفن الواحد باستعمال المصطلح في عدة مواضع، في عدة أبواب، يختلفون في لفظٍ واحد على اصطلاحات متعددة. ولا إشكال في هذا، لا مشاحة في الاصطلاح.
قال: (إِمَا مُفْرَدٌ: وَهُوَ).
(أي: حقيقةُ المفرد اللفظ الدال بالوضع) (الَّذِي) يعني: الذي هذا صفةٌ لموصوف محذوف؛ لأنه أراد كما قلنا: (إِمَا مُفْرَدٌ) هذا تقسيمٌ "وإن شئت قل: تعريف" لقوله: (اللفظ الدال) واللفظ الدال المراد به اللفظ الدال بالوضع فيما سبق بيانه فيما يتعلق بالدلالات.
إذاً: (وَهُوَ) (أي: حقيقةُ المفرد اللفظ الدال بالوضع).
(الَّذِي لاَ يُرُادُ بِالجُزْءِ مِنْهُ دِلاَلَهٌ عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ) الذي هذا يصدق على المفرد والمركب، يعني: اسم موصول يعتبر جنساً في الحد؛ لأن هذا تعريف يُعتبر جنساً.
قوله: (لاَ يُرُادُ بِالجُزْءِ مِنْهُ دَلاَلَهٌ عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ) إن جعلناه فصلاً كاملاً أَخرج المركب، فاختص حينئذٍ الحدُّ بالمفرد؛ لأنهما حقيقتان: إما مفرد وإما مركب، فإذا كان كذلك فحينئذٍ قوله: (الَّذِي) اسم موصول وهو عامٌ "هو جنس في التعريف" يشمل المفرد والمركب.
قال: (الذي جنسٌ شمل المفرد والمركب) والمصنف لم يقل: مركب، وإنما قال: مؤلَّف؛ لأنه يرى الترادف بين المؤلَّف والمركب، ولا إشكال فيه كما سيأتي.
(الَّذِي لاَ يُرُادُ بِالجُزْءِ مِنْهُ دَلاَلَهٌ عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ).
قال المحشِّي: (الَّذِي) واقعٌ على لفظ، فهو جنسٌ شاملٌ للمفرد والمؤلف.
وقوله: (لاَ يُرُادُ) فصلٌ مخرجٌ للمؤلَّف؛ لأن المؤلَّف يراد وهذا لا يراد .. متقابلان: هذا عدم وهذا ملَكَة.
(لاَ يُرُادُ بِالجُزْءِ مِنْهُ) المراد بالجزء هنا: ما صار به اللفظ مركباً، يحتمل هو .. يحتمل أن يراد به ما صار اللفظ به مركباً.