إذاً: مبحث الألفاظ من حيثيتين:
أولاً: من حيث الإفراد والتركيب.
ثانياً: من حيث الكُلّيّة والجزئية، إلا أن إطلاق الإفراد والتركيب على الألفاظ حقيقي. تقول: هذا لفظٌ مفرد وهذا لفظٌ مركب، هذا إطلاقٌ حقيقي.
وعلى المعاني مجازٌ، عرفنا بالأمس أن التركيب والإفراد باعتبار النوعين: لفظٌ مفرد ولفظ مركب، معنًى مفرد ومعنًى مركب. كلاهما استعمالٌ حقيقي؟ الجواب: لا، وإنما يكون استعمالاً حقيقياً في وصفِ اللفظ بالإفراد والتركيب، نقول: هذا لفظٌ مفرد وهذا لفظٌ مركّب.
وأما المعنى يصح أن يوصف فيقال: هذا المعنى مفرد، والمناطقة على ذلك والنحاة على ذلك، فيقال: هذا معنى مفرد وهذا معنى مركب، إلا أنه على جهة المجاز يعني: لا حقيقة. إذاً هكذا: لفظٌ ومعنى.
يوصف اللفظ بالإفراد والتركيب حقيقة، ويوصف المعنى بالإفراد والتركيب مجازاً.
(من إطلاق ما لِلدال على المدلول) الدال هو اللفظ، وهو الذي يُوصَف بالإفراد والتركيب، من باب إطلاق ما للدال يعني: الذي يُطلق على الدال أصالةً يُطلق على المدلول، وحينئذٍ نقول: هذا مجاز.
والكُلّيّة والجزئية بالعكس يعني: يُوصَف بهما المعنى حقيقة واللفظ مجازاً .. العكس الكُلّيّة والجزئية يوصف بهما المعنى فيقال: هذا معنى كلي، وهذا معنى جزئي على جهة الحقيقة.
وأما وصف اللفظ بأن هذا اللفظ كلي وهذا اللفظ جزئي، هو مستعمل للمناطقة، هذا يُعتبر مجازاً من إطلاق ما للمدلول على الدال .. عكس الأول؛ لأن الأصل هو وصف المدلول بالكُلّيّة والجزئية، هذا الأصل فيه.
ثم من باب إطلاق ما للمدلول على الدال استُعمل لفظ الكُلّيّة والجزئية في اللفظ، لكن على جهة المجاز.
إذاً: (يوصف اللفظ بالإفراد والتركيب، وبالكلية والجزئية) لكن وصفُه بالإفراد والتركيب حقيقي، وبالكلية والجزئية هذا مجازي.
ويوصف المعنى كذلك بالإفراد والتركيب والكُلِّيّة والجزئية إلا أن الإفراد والتركيب هذا مجازي، والكُلّيّة والجزئية هذا حقيقي.
واللفظ المستعمل له عدة تقسيمات منها بحسب دلالته الإفرادية والتركيبية، فينقسم إلى مفرد ومركب، وهو الذي قدّمه المصنف هنا ابتداءً.
قال: (ثُمَّ اللَّفْظُ) ثم قلنا للترتيب الإخباري، أو الرُّتبي باعتبار أن وصف اللفظ بالإفراد والتركيب متأخرٌ في الرتبة عن الدلالة لأنه فرعٌ عنها.
قال: (ثُمَّ اللَّفْظُ) وصفَه الشارح هنا بالدال .. وصَف اللفظ بالدال، هو عين اللفظ الذي مر معنا .. اللفظ نفسُه الذي قسَّمه فيما سبق إلى: دلالة تضمن، ودلالة مطابقة، ودلالة التزام. هو عينُه.
ولذلك أعاد المعرفة معرفة، والمعرفة إذا أُعيدت عينُها معرفة حينئذٍ الثاني عينُ الأول.
(ثم اللفظ الدال) وصف اللفظ بالدال مأخوذٌ من إعادة اللفظ معرفة، وقد قال فيما سبق: اللفظ الدال بالوضع.
فأل هنا تسمى: للعهد الذكري. أي: اللفظ المذكور سابقاً؛ لأن المعرفة إذا أُعيدت معرفة كانت عين الأُولى ما لم تقم قرينة على خلافه، ولا قرينة هنا.
والمراد بالدال هنا الدال بالمطابقة لا التضمن ولا الالتزام، إذاً: نقيِّده: اللفظ الدال أي: بالمطابقة، لا بالتضمن ولا بالالتزام.
قال: (إِمَا مُفْرَدٌ) إما هذا للتفصيل.