يعني: الجزء الذي هو كالمبتدأ مع الجزء الآخر الذي هو الخبر: زيدٌ قائمٌ، زيدٌ جزءٌ، وقائمٌ هذا جزءٌ آخر، لا إشكال، هذا اعتبار، واعتبره العطّار بل جعلَ الحد في هذا النوع لكن ليس على إطلاقه، بل الصواب أنه يعُم.
قد يكون جزءاً في الإسناد التام نحو: زيدٌ قائمٌ، فزيدٌ جزءٌ وقائم ٌهذا جزء.
وكذلك شاع عندهم بل أطبقوا على أن (ز، ي، د) هذه أجزاء لزيد، فيذكرون من أنواع المفرد ما له جزءٌ لا معنى له، ويمثِّلون لزيد يقول: (ز)، (ز) هذا جزءٌ من زيد لأنه تألَّف منه، تركَّب من ثلاثة أحرف (ز، ي، د) حينئذٍ (ز) هذا جزء، و (ي) جزءٌ و (د) هذا جزءٌ.
إذاً: يُحمل الجزء هنا على ما يُراد بالحرف الذي يكون جزءاً من الكلمة الذي يسمى حرف مبنى، ويُحمل كذلك على ما ذكره العطّار من كون الجزء المراد به هنا: الجزء الذي يُبنى عليه الحكم أو يكون هو الحكم الذي بني على غيره. يعني: كالموضوعي والمحمول.
لذلك قال: المراد بالجزء إن كان مرادُه بالمراد أنه محصورٌ فيه ففيه نظر، لكن إن كان أنه داخلٌ فلا إشكال فيه "يعني: يشمل هذا ويشمل ذاك فلا إشكال فيه" أما الحصر فلا.
فالجزء ليس خاصاً بالكلمات "مفردات" وإنما يُحمَل كذلك الجزء على حروف المباني مثل: (ز، ي، د).
المراد بالجزء ما صار به اللفظ مركباً كزيدٌ قائمٌ، والزاي ونحوُها لم يصر به المركب مُركَّباً، فلا يصدُق الجزء عليها.
وهذا فيه إشكال، بل الصواب أنه يُحمل على ذا وذاك، ولذلك أورد الجزء معرفاً بأل العهدية أي: الجزءُ المعهودُ الذي حصل به التركيب.
يُرَد على هذا الكلام –التخصيص-: أن المركب أو المؤلَّف هنا فيما يقابل المفرد لا يختص بالإسناد التام، وإنما يدخل فيه النسبة التقييدية التي هي المركب التوصيفي والمركب الإضافي، فيشمل المركب في هذا المقام ثلاثةَ أشياء:
المركب الإسنادي التام يعني: الجملة الاسمية والجملة الفعلية، وكذلك المركب الإضافي كغلامِ زيد، وكذلك المركب التوصيفي، المركب التوصيفي نحو: حيوانٌ ناطق، ما هو الإنسان؟ حيوانٌ ناطق، يعني الموصوف مع صفته يسمى مركباً تقييدياً، وبعضهم يسميه مركباً توصيفياً، وهذا واضح أن بينهما نسبة وهو استلزام الصفة للموصوف.
قال هنا: (وَهُوَ الَّذِي لاَ يُرُادُ بِالجُزْءِ مِنْهُ دَلاَلَهٌ عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ).
قوله: (دَلاَلَهٌ) بالرفع ما إعرابه؟ نائب فاعل ليراد.
إذاً الترتيب: (الذي لا يُراد دلالة على جزء معناه بالجزء منه) لا يراد دلالة؛ لأن (عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ) متعلق بدلالة، (بِالجُزْءِ مِنْهُ) هذا يكون متأخراً.
إذاً: فسَّر لنا الجملة، كلام الشارح ترجع إلى هذا التعريف فتفهمه على وجهه.
قال: (بأن) الباء هذه ما نوعها؟ للتصوير، ما معنى التصوير؟
يعني: صوَّر لك المسألة يعني: ذكر لك محالَّها أو مصدَقَها.
ولذلك إذا جائت الباء وأُريد بها التصوير فحينئذٍ ما بعد الباء يكون هو تفسيراً لما سبق، فبماذا تفسِّر: بأن (لاَ يُرُادُ بِالجُزْءِ مِنْهُ دِلاَلَهٌ عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ)؟ تفسِّره بما بعد الباء.
قال هنا: (بألا يكون له جزءٌ) يعني: هذا المفرد أن لا يكون له جزءٌ.
(كقِي علماً) وهمزة الاستفهام أوضح، هو عدل عن المشهور.