لأنه يُعتبر الأصل من حيث الإثبات ثم لا نزيد ولا ننقِص .. لا نقول: كل شيء حرام محرَّم من أصله، ولا نأتي نرفعه نقول: هو أعلى وأجل علوم الآلة، ومن لا معرفة له لا يوثق بعلمه! نقول: لا. هذا يُعتبر من الغلو.

قال: بل هو (أي: المنطق) أعلاها (أي: العلوم الآلية).

ثم قال: وإفتاء النووي كابن الصلاح بجواز الاستنجاء به.

والله أعلم بهذه الفتوى، لكن بناءً على ما كان مشوباً. يعني: فيه شيءٌ مما يخالف الشريعة جوَّزوا الاستنجاء به.

قال: يُحمل على ما كان في زمنهما من خلطٍ كثير من كُتبِه بالقوانين الفلسفية المنابذةِ للشرائع، بخلاف الموجود اليوم فإنه ليس فيه شيءٌ من ذلك ولا مما يؤدي إليه فكان محترَماً.

على كلٍ: الأصل فيه الإباحة، ما كان خالصاً من شُبه الفلسفة الأصل فيه الإباحة، وما كان خليطاً فيُنظر في الناظر، بناءً على أن الأصل في النظر في هذه الكتب الأصل فيه المنع.

فحينئذٍ إذا كان الناظر يستطيع أن يميز بين الحق والباطل (مُمَارِسِ السُّنَّةِ وَالكِتَابِ) كما مضى في قول الأخضري، فحينئذٍ يجوز له النظر وما عداه فالأصل فيه التحريم.

إذاً نقول: الأصل في دراسة علم المنطق غير المشوب بالفلسفة الإباحة؛ لأننا إذا قسَّمنا كتب المنطق إلى قسمين: مشوب وغير مشوب، جاء بعضهم قال: رحمك الله، غير المشوب هذا هو من علم الفلسفة. نقول: ومن الذي قال بأن علم الفلسفة كله حرام؟ وإلا لحرّمنا الحساب والهيئة والهندسة .. ونحوها، كلها صارت محرَّمة، لماذا؟ لأنها علومٌ فلسفية.

فحينئذٍ لا نعترض بكون هذا العلم مباحاً أنه جزءٌ من الفلسفة، نقول: جزءٌ من الفلسفة غير المحرَّمة التي الأصل فيها الإباحة.

ثانياً: الأصل الاستغناء كما ذكرنا عن هذا الفن، لولا أنه أُدخل على العلوم الشرعية ولهج به كثيرٌ من العلماء، فصارت مصنفاتُهم في كثيرٍ من الفنون مشوبةً بهذه الاصطلاحات المنطقية، لا سيما علم أصول الفقه.

وكلام الشيخ فيما مضى واضحٌ بيِّن.

ثالثاً: إذا عرفنا أنه لا بد منه، ليس المراد من هذا أن طالب العلم يقرأ فيه كما يقرأ في كتب الحديث، كل كتاب معتمد لأئمة الحديث أو شرحاً لبعض الأحاديث أنه يقرأه أو يقتنيه، أو الشأن في كتب التفسير الأصل فيها أنه يقرأ ما شاء. وإنما يأخذ ما يحتاجه، يعني: ليس المراد هنا أن يقرأ مائة كتاب ومائة حاشية، أو يحفظ ألفية أو ألفيتين، أو أزود من ذلك، وإنما نقول: نحتاج إلى شيءٍ تكون به القِوامة، وما عدى ذلك يُترك، لماذا؟ لأننا كما ذكرنا الأصل فهم الاصطلاحات.

ثانياً: إذا كانت معك الأصول .. لأنه علمٌ محصور .. علم المنطق محصور، وإنما الثرثرة الكثيرة عند المتأخرين هي التي أطالت هذا الفن، وإلا هو علم اصطلاحات من أوله إلى آخره أشبه ما يكون بقاموس تعاريف.

حينئذٍ ما يحتاجه طالب العلم هو الذي ينبغي التنبيه عليه؛ لنجمع بين الأمرين نقول: الأصل فيه الإباحة، ونحث وبقوة طلاب العلم أن يعتنوا بضبط هذا الفن، وبضبط ما يتعلق بباب المعتقد.

ثم ننبِّه: ليس المراد به أن يقرأ كل ما شاء أو يقرأ ما شاء، أو يحفظ كل شيء لا، إنما يأخذ ما يحتاجه، ولا بد من النظر فيما قاله أهل العلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015