وقوله.) قاصد (في موضع نصب على الحال، فكان حكمه على هذا) قاصداً (إلا أن من العرب من يقول:) رأيت زيد (في حال الوقف.
قال:
شَترٌ جنبي كأني مهدَأٌ ... جَعَل القينُ على الدفِّ إبر
وأنشد الفارسي للأعشى:
إلى المرء قيس أطيلُ السُّري ... وآخذُ من كل حي عُصُم
ولا يكون) قاصد (في موضع رفع على البدل من التاء التي في خلتني، لأن المخاطب لا يبدل منه للعلم بمكانه، والأمن من التباسه. وذلك لم يجز سيبويه) بكَ المسكن مرت (. وقد أثبت ذلك غير دفعة في هذا الكتاب.
) إذا المَنَايَا بَدتْ فَدَعوتُها ... أبدلَ نُوناً بدَالهِ الحَائِد (
سَفه رأى وهو ذان في محاربته فنا خُسرُو، ثم عذره، فقال: إن المَنَايا إذا المت فإنما قولها ودعاؤها:) أبدل نوناً بدالهِ الحائِد (: اي صُير) الحائد () حائناً (وهو الهالك. وليس مقال، لأن المنية ليست بنوع ناطق، انما هي عدم حرارة الروح، وذلك عَرَض. ولذلك قالواك بَرَدَ فلان، إذا مات، يذهبون إلى انقطاع الحرارة الحيوانية، لكن استعار القول للمنية. وإنما أراد أن:) الحائد (الذي يحيد عن الموت، إذا وافاه حينهُ، لم يُغن عنه حيده.
) رأوكَ لما بَلَوكَ ناَبتةً ... يأكُلُها قبلَ أهله الرائدْ (
الرائد: الذي يطلُب الكلأ للحي، فيقول لوهوذان: هزمتك طلائع عسكر فنا خسرو قبله، ولم ينتظروا يك معظم الجيش، احتقاراً لك، وتهاوناً بك، وإكراما لكوكب الجيش، فكنت كالنابتة المحتقرة المستصغرة التي يأكلها الرائد قبل أهله؛ لا ينتظرهم بها، ولا يدعوهم إليها، احتقاراً لقدرها واستنزاراً لخَطَرها. و) نابتة (: صفة أقيمت مقام الموصوف. وحَسُن ذلك، لأنها قد قويت بالجملة التي بعدها، فضارعت الاسم بهذه الصفة، لأن الموصوفة في الأصل إنما هي الأسماء. هذا مذهب سيبويه. وإنما اراد: خلاه نابتة وحشية، او نبقة، او نحو ذلك.
) وُمُتقٍ والسهامُ مُرسلةٌ ... يحيدُ عن حابضٍ إلى صاردْ (
الحابض: السهم الذي يقع بين يدي الرامي من ضعفه. والصارد: النافذ. يقول: إن الإنسان لا ينفعه احتسابه، ولا يقيه احتراسه، فرب مُتق للموت في الحرب وقد أرسلت السهام، فنفر عن الحابض، ولو وقف له لم يضره، ويعدل إلى النافذ، فيقتله، وهو في كل ذلك مُصرف بيد القدر.
وله ايضا:
) فَلاَ قَضَى حَاجَتهُ طالبٌ ... فؤادُه يَخفقُ من رُعبِهِ (
يقول: إن الموت قَدَر محتوم، وقضاء مجزوم، وسواء فيه الشجاع، والجبان الفزاع، فإذا كان الأمر كذلك، فالجازع ملوم، والجبان مذموم. فمن الحق أن يُدعى على الطالب الشديد الهيبة، ألا يَظْفر من حاجته إلا بالخيبة. والجملة التي هي قوله:) فؤاده يخفقُق من رُعبه (: في موضع الصفة لطالب. و) طالب (: صفة وضعت موقع الموصوف. وحسُن ذلك، لأنه قد قُرن بالصفة، فضارع الاسم.
والهاء في) رعبه (: إن شئت رَدَدتها إلى طالب، وإن شئت إلى قوله:) فؤاده (. والبيت مشتمل على الدعاء على كل من إذا رام الإقدام، أورثه الجبنُ الإحجام.
) حَاشاكَ أن تَضعُف عن حملِ ... السَّائرُ في كُتبهِ (
اي حاشاك أن تضعُف عن احتمال ما قدر الفيج بالنعي على احتماله؛ اي إذا كان الفَيج) وهو الرسول غبلا قدميه (يقول: جاء على احتماله في كتبه، وهو متكلف مع ذلك رِجْلَه، وعادمٌ رَحْلَه، فأنت أحجى باحتماله على ترك استهواله.
وقال ايضا:
) وَقيدتِ الأُيلُ في الحِبَال (
الأُيلُ: اسم للجنس، وأنث على معنى الجماعة، وقد يجوز أن يكون) أُيل (على اعتقاد ضمة مجتلبة للجمع، كما ذهب إليه سيبو] هـ في دلاص وَهِجان. وقد أثبت الأيل واشتقاقه ووزنه وتكسيره، وما فيه من اللغات، في كتابي الموسوم) بالمحكم (.
) وَأوْفَتِ الفُدْرُ مِنَ الأَوْعَالِ (
الأوعال: شياه الجبال، الفُدر: المَسَان يجوز أن يكون جمع فَدٌور، فالأصل على هذا) فُدر (إلى أن بني تميم يسكنون ثاني الضرب استخفافاً.
ويجوز أن يكون جمع فادر، كعائد وعُود، لأن سيبويه قد اعتد) بفُعل (بناء من ابنية تكسير) فاعل (.
) مُرْتَدِياتٍ بِقسِىِّ الضالِ (