يقول سحيم بن وثيل اليربوعي:
أقول لهم بالشِّعب إذ يأسِرونني ... ألم تَيْأسوا أني ابنُ فارسِ زَهدمِ
أراد: ألم يعلموا. واحتج قطرب بقول الآخر:
ألم ييأس الأقوامُ أنى أنا ابنُه ... وإنْ كنتُ عن أرض العشيرة نائيا
وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما: (أفلم يتبيَّن الذين آمنوا)، ويروى بيت سحيم: (إذ يأسرونني)
و (ييسرونني)، فيأسرونني من الأسر، وييسرونني: يقتسمونني، مأخوذ من الميسر. وقال أبو عبيد: قال
القاسم بم معن: وهوازن تجعل يئست بمعنى علمت. قال أبو عبيد: ويحكى عن الكلبي إنه قال: هي
لغة وهبيل حي من النخع. ويجوز أن يكون يئس في بيت لبيد بمعنى علم. يريد: حتى إذا علم الرماة
انهم لا ينالونها. وقال الفراء: معنى بيت لبيد: حتى إذا يئسوا من كل شيء مما يمكن إلا الذي ظهر
لهم أرسلوا. فهو معناه حتى إذا علموا أن ليس له وجه إلا الذي رأوا وأرسلوا كان ما سواه يأسا. وقال
الفراء في قول الله عز وجل: (أفلم ييأس الذين آمنوا): أفلم ييأسوا، علما منهم بأن لو شاء الله سبحانه
لهدى الناس جميعا، أي يوئسهم العلم؛ لأن الله عز وجل قد أوقع إلى المؤمنين إنه لو شاء الله لهدى
الناس جميعا، فكان فيه العلم مضمرا، كما تقول في الكلام: يئست منك ألا تفلح علما، كأنك قلت علمته
علما. وأنكر الكسائي أن يكون يئس بمعنى علم، وقال: لم أسمع أحدا من العرب يقول يئست بمعنى
علمت. قال: ولكنه عندي يخرج معناه من اليأس نفسه، وذلك أن يكون لمَّا سأل المشركون رسول الله
صلى الله عليه وسلم قرآنا تسير به الجبال أو تكلم به الموتى اشرأب له المؤمنون لأن يفعل الله
تبارك وتعالى ذلك فيؤمن المشركون، فأنزل الله عز وجل: (أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاءُ الله
لَهَدى