والإقدام اسم الكون، والعادة خبر الكون. وإنما أنث كان والإقدام مذكر لأن الكسائي قال: إذا كان خبر
كان مؤنثا واسمها مذكرا وأوليتها الخبر فمن العرب من يؤنث كان ويتوهم أن الاسم مؤنث إذا كان
الخبر مؤنثا. فكان يجيز: كانت عادة حسنة عطاء الله تعالى، وكانت رحمة المطر البارحة. وقال غير
الكسائي: إنما بني الشاعر كلامه وكانت عادة تقدمتها؛ لأن التقدمة مصدر قدمها، إلا إنه لما انتهى إلى
القافية فلم يجد التقدمة تصلح لها فقال إقدامها. واحتج بقول الشاعر:
أزيدَ بن مصبوحٍ فلو غيرُكمْ صَبا ... غَفَرْنا وكانت من سجيَّتنا الغَفْرُ
فزعم الكسائي إنه أنث كانت لأنه أراد: كانت سجية من سجايانا الغفر. وقال الذي خالفه: بل بنى
على المغفرة فانتهى إلى آخر البيت والمغفرة لا تصلح له فقال الغفر، لأن الغفر والمغفرة مصدران.
واحتج عليه من خالفه بقول الشاعر:
أجَرْتُ عليهمُ فأبَوْا وكانت ... بديعاً أن يكون وليّ أمر
فزعم إنه أراد كانت بديعا كينونته ولي أمر، فلم يستقم البيت بالكينونة فقال (أن يكون) إذ كانت في
معناها.
وقال الكسائي: البديع مؤنث بمنزلة البدعة. واحتج عليه من خالفه بقول حاتم:
أماويّ قد طال التجنبُ والهجرُ ... وقد عذرتْنا في طِلابكمْ عَذُرُ
وقال عذري، فانتهى إلى القافية وعذري لا تصلح فيها، كما قال الآخر:
لله درُّكَ إني قد رميتُهمُ ... لولا حُدِدتُ ولا عُذرَي لمحدودِ
فقال الكسائي: قوله عُذْر أراد عُذُر مثقلة جمع عذير، مثل نذير ونذر فخفف، وهي المعذرة. قال الله
عز وجل: (فما تُغْني النُّذُر)، جمع نذير. وقال