يدخلُها حتى يوارى أشجعَه ... كأنَّه يطلب شيئاً ضيَّعه
الأشاجع: أصول الأصابع في الراحة.
وزعموا إنه لما أنشد لبيد هذا الرجز التفت النعمان إلى الربيع شزرا فقال: أكذاك أنت يا ربيع؟
فقال: لا والله لقد كذب ابن الحمق اللئيم! فقال النعمان: أف لهذا الطعام، لقد خبثت على طعامي!
فغضب وقال: أبيت اللعن، أما إني قد فعلت بأمه. فقال لبيد: أنت لهذا الكلام أهل، وهي من نسوة
غير فعل، وأنت المرء فعل بيتيمة في حجره. فغضب الربيع وغضب لغضبه بنو فقيم ونهشل،
وضمرة ابن ضمرة بن جابر بن قطن بن نهشل - وكان أبرص - وكانت بنو كلاب أسروا ضمرة
فمنُّوا عليه. فقال لبيد يرجز بضمرة أيضا:
يا ضَمْرَ يا عبدَ بني كلاب ... يا أيرَ كلب عَلِفٍ بباب
تمكو استُه من حَذَر الغراب ... يا وَرَلاً ألقِىَ في السَّراب
أكان هذا أول الثَّواب ... لا يَعلقَنْكم ظُفُري ونابي
إني إذا عاقبتُ ذو عقابِ ... بصارمٍ مذكَّر الذُّباب
فأمر النعمان بلبيد وأصحابه فأخرجوا، وقام الربيع فانصرف إلى منزله فبعث إليه النعمان بضعف
ما كان يحبوه، وأمره بالانصراف إلى أهله.
فكتب إليه الربيع: (أني قد عرفت إنه وقر في صدرك ما قال لبيد، ولست برائم حتى تبعث إليَّ من
يجر دنى، فيعلم من حضرك من الناس أني لست كما قال).
فأرسل إليه: (إنك صادق، لست صانعا بانتفائك مما قال لبيد شيئا، ولا قادرا على ما زلت به
الألسن، فالحق بأهلك).