قال: من عهدته فيها. ودلها نصب على المصدر، وما نصب بيرد ومعناها الاستفهام كأنه قال: وأي شيء يرد البكاء.
ويجوز أن تكون في موضع رفع بما عاد من الهاء المضمرة، كأنه قال: وأي شيء يرده البكاء.
والبكاء رفع بفعله.
(وبَعينَيكَ أَوْقَدَتْ هِندٌ النَّا ... رَ أَخيراً تُلْوِى بها العَلْياءُ)
قوله (وبعينيك) معناه وبرأي عينيك أوقدت هند النار. وهند ممن كان يواصل. أخبر إنه رأى نارها
عند آخر عهده بها؛ لقوله (أخيراً). وقوله (تلوى بها العلياء) معناه ترفعها وتضيئها له. و (العلياء):
المكان المرتفع من الأرض. وإنما يريد العالية، وهي الحجاز وما يلية من بلاد قيس. أنشدنا أبو
العباس:
يا دارَ ميَّةَ بالعَلياء فالسَّنَدِ ... أقوتْ وطالَ عليها سالفُ الأبَدِ
ويقال: هو من عُليا معد، بضم العين مع القصر، ومن عَلياء معد بفتح العين مع المد. فأراد أن
العلياء تضيء النار كما يلوى بالرجل بثوبه إذا رفعه يلوح به للقوم إذا بشرهم من بعيد. وكذلك يقال:
ألوت الناقة بذنبها، إذا رفعته.
وهند ترتفع بأوقدت أيضا. وأخيرا نصب على الوقت أراد وقتا آخرا. وتلوى موضعه رفع في اللفظ
بالتاء وفي الحقيقة نصب، والعلياء ترتفع بتلوى، والباء صلة تلوى.
(أَوقدَتْها بين العَقيقِ فشَخْصَيْ ... نِ بعُودٍ كما يَلُوحُ الضِّياءُ)