الأصمعي: إنما أراد بوادي الشُّربب، فاضطره الشعر إلى الجمع. وقال غيره:
العرب توقع الجمع على الواحد؛ من ذلك قول الله تعالى: (فنادَته الملائكة)، أراد: فناداه جبريل عليه
السلام وحده. وقوله: (فالشعبتان) هي أكمة لها قرنان ناتئان. والأكمة جبل من الرمل. (الأبلاء): اسم
بئر. خبر إنه قد كان يعهد من يواصله في هذه المواضع كلها، ثم تحملوا عنها وخلَّفوها خاوية.
والرياض وما بعدها من أسماء المواضع نسق على الخلصاء.
(لا أَرَى مَنْ عَهِدتُ فيها فأَبكِي ال ... يومَ دَلْها وما يردُّ البُكاءُ)
يقول: لا أرى من عهدت من أحبابي في هذه المنازل، فأنا اليوم أبكي شوقا إليهم، أني حيث رأيت
آثارهم تذكرت ما كنت فيه منهم، فهاج ذلك لي البكاء. وقوله (دلها) معناه باطلا وضياعا. أي بكائي
يذهب ضياعا، إذ كنت لا أستدرك به شيئا. يقال: رجل مدله العقل، إذا كان ذاهب العقل. ويروى:
لا يُرى من عهدت فيها فأبكى ... أهلَ ودِّي ......
وقوله (وما يرد البكاء) معناه ما يردهم عليّ ولا يغنى شيئا، غير أني أبكي لتذكرهم، وأشفى بعض
ما بي من الحزن على فراقهم. ويروى: (وما يحير البكاء) أي وما يرد. قال الله تعالى. (إنَّه ظنَّ أن
لن يَحُورَ بَلَى) أراد: أن يرجع. قال الشاعر:
إن كنتِ عاذلتي فسيرِي ... نحوَ العراقِ ولا تَحُوري
ومن نصب بأرى، وعهدت صلة من، والهاء المضمرة تعود على من، كأنه