وقال التوزي: زعم الأصمعي أن الحارث قال وقصيدته وهو يومئذ ابن خمس وثلاثين ومائة سنة،
وقال حين ارتجلها مقبلا على عمرو بن هند الملك:
(آذنَتْنا بِبَينِهَا أسْماءُ ... رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ منه الثَّواءُ)
قوله (آذنتنا) معناه أعلمتنا، قال الله عز وجل: (آذنْتُكم على سَواء) أراد أعلمتكم. وقال جل ذكره:
(فأذَنوا بحرب من الله ورسولهِ) أي فأعلموا. ويقول الرُجل للرجُل: لم توذني بكذا وكذا، يريد: لم
تعلمينه. (البين): الفراق. يقال: بان الرجل يبين بينا وبينونة. وقال زهير:
إنَّ الخليطَ أجدَّ البَينَ فانفرقا ... وعُلّق القلب من أسماء ما عَلِقا
والبين من الأضداد، يكون الفراق ويكون الوصال. قال الله عز وجل: (لقد تقطَّعَ بينكم) قرأ مجاهد
وغيره: (بينُكم) بالرفع، على معنى تقطَّع وصلكم. والبين، بكسر الباء: القطعة من الأرض قدر مد
البصر. قال تميم بنى مقبل:
بسَروِ حِميرَ أبوالُ البِغال به ... أنَّى تَسَدَّيتَِ وهناً ذلك البِينا
تسديت معناه علوت وركبت.
وقوله (رب ثاو يملُّ منه الثواء) معناه: رب مقيم يمل منه إقامته، ولكنَّا لا نمل ثواء هذا المرأة.
والثاوي: المقيم. والثواء: الإقامة. يقال ثوى الرجل، إذا أقام. قال الشاعر: