(أَخَذْنَ على بُعولِتِهنَّ عَهْداً ... إِذَا رقَوْا كتائبَ مُعْلِمِينا)
ويروى: (أخذن على بعولتهن نذرا). وقال أبو جعفر: معنى البيت: الواجب علينا أن نحميهن، فصار
كالعهد. وعهدهن: ما لهن في قلوبهم من المحبة، لا أنهن أخذن عليهم العهد، ويروى: (أخذن على
فوارسهن عهدا) و (المعلمون): الذين معهم الإظلام. وإنما قال (إذا لاقوا) وأخذن فعل ماض وإذ شبه
بالماضي إذ كنت تقول: أحسنت إليك إذا أحسنت إليَّ؛ لأن الفعل الماضي تأويله الاستقبال، فصحبته
إذا لتأويله. وتقديره يأخذن على بعولتهن عهدا إنما لاقوا. قال الله عز وجل: (وقالوا لإخوانهم إذا
ضَرَبوا في الأرض) فأتى بإذا لأن معناه يقولون لإخوانهم إذا ضربوا. وقال جل وعلا: (إلا الذين
تابوا منْ قَبل أن تقدروا) معناه إلا الذين يتوبون. وكذلك قوله تبارك وتعالى: (إلا من تابَ وآمن)،
معناه إلا من يتوب ويؤمن. قال الشاعر:
ما ذاقَ بوسَ معيشة ونعيمَها ... فيما مضى أحدٌ إذا لم يَعشَقِ
قال الفراء: معناه ما ذاقها أحد فيما مضى ولن يذوقها فيما يستقبل إذا لم يعشق. فلذلك أتى بإذا.
وأنشد الفراء:
فإني لآتيكمْ تشكُّرَ ما مضى ... من الأمر واستيجابَ ما كان في غدِ
معناه: واستيجاب ما يكون في غد.