وقال بعض النحويين: أراد كراهة أن تشتمونا، فحذف الكراهة وأقام أن مقامها، كما تقول: الشعر
زهير، تريد الشعر شعر زهير.
(قَرَيْنَاكُمْ فعجَّلْنَا قِرَاكُمْ ... قُبَيل الصُّبْحِ مِرداةً طَحُونا)
(مرداة): صخرة. شبه الكتيبة بها فقال: جعلنا قراكم إذ نزلتم بنا الحرب، ولقيناكم بكتيبة تطحنكم
طحن الرحى، والمرداة نصب بقرينا. والقرى يمد ويقصر. وروى بعض الرواة متصلا بهذا البيت:
(يَكُونُ ثِفَالُها شَرْقَّي نَجْدٍ ... ولُهْوتُهَا قُضاعةَ أَجمَعينَا)
(عَلَى آثَارنا بِيضٌ حِسَانٌ ... نُحاذِرُ أن تُقَسَّمُ أو تَهُونا)
معناه: لقيناكم ومن ورائنا النساء. وكذلك كان أهل الجاهلية يفعلون إذا حاربوا. ويروى: (نحاذر أن
تفارق أو تهونا)، أي تُسبى.
وموضع نحاذر رفع في اللفظ بالنون ونصب في التأويل على الحال مما في كرام من ذكر البيض،
أي محاذرين نحن تقسيمهن.
(ظَعَائنُ مِنْ بَني جُشَمَ بَنِ بَكْرٍ ... خَلَطْنَ بمِيسَمٍ حَسَباً ودِينا)
أصل (الظعينة) المرأة في الهودج، ثم قيل للمرأة وهي في بيتها ظعينة. والظعون: البعير تركبها
المرأة. و (الميسم): الحسن، وهو مفعل من وسمت، أصله موسم، فلما سكنت الواو وانكسر ما قبلها
صارت ياء، كما قالت العرب ميثاق وأصله موثاق، لأنه مفعال من الوثائق؛ الدليل على هذا انهم
يقولون في جمعه مواثيق.
وظعائن ترتفع على الاتباع لبيض، وخلطن خبر مستأنف.