وموضع كيف نصب بوجدتمونا:
(نَزَلتم مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنّا ... فعَجَّلْنَا القِرَى أن تَشْتِمُونَا)
قوله (نزلتم منزل الأضيافِ مِنَّا) معناه نزلتم بحيث نزل الأضياف فعجلنا القرى. وإنما هذا مثل.
أراد: عاجلناكم بالحرب ولم ننتظركم أن تشتمونا. ويقال: معناه عاجلناكم بالقتال قبل أن توقعوا بنا
فتكونوا سبباً لشتم الناس إيانا. وقال أبو جعفر: معناه نحن مستعدون، فلا يُطمع فينا، ولا يفجؤنا بغارة
أحد.
وموضع أن نصب على معنى لأن لا تشتمونا، فحذف الخافض واكتفى بأن من لا فأسقطها. قال الله
عز وجل: (رَواسِيَ أن تَمِيدَ بكم)، معناه لأن لا تميد. قال الشاعر:
رأينا ما يرى البُصَراءُ فيها ... فآلينا عليها أن تُباعا
معناه: أن لا تباع. وقال الراعي:
أيَّامَ قومي والجماعةَ كالذي ... لزِمَ الرِّحالةَ أن تَميل مَمِيلا
معناه: أن لا تميل. وربما حذفوا أن واكتفوا منها بلا، كقول الشاعر:
واحفظْ لسانَك لا تقول فتُبتَلى ... إنّ البلاءَ موكَّل بالمنطقِ
معناه: لأن لا تقول. وربما حذوا أن ولا جميعا. قال أبو النجم:
أوصيكِ أن يحمدك الأقاربُ ... ويرجعَ المسكينُ وهو خائبٌ
أراد: أن لا يرجع المسكين وهو خائب.