(الشَّاتِمَيْ عِرضِي ولم أَشْتُمْهُما ... والنَّاذِرَينِ إذا لقِيتُهما دَمِي)
قوله (والناذرين إذا لقيتهما دمى) معناه والقائلين والله لئن لقيناه لنقتلنه. وإنما قال إذا لقيتهما ولم يقل
إذا لقياني، وهو أبين في الكلام، لأن ما لقيك فقد لقيته وما لقيته فقد لقيك. قال الله عز وجل: (فتلقَّى
آدمَ من ربِّه كلماتٍ)، وقرأ ابن عباس رضي الله عنه: (فتلقَّى آدمَ من ربِّه كلماتٌ) فمعنى القراءتين
واحد لأن ما لقيك فقد لقيته وما لقيته فقد لقيك. وقال الله تبارك وتعالى: (لا ينالُ عَهدي الظالمين)،
وفي قراءة عبد الله: (لا ينالُ عهدي الظَّالمون)، قال الفراء: معنى القراءتين واحد، لأن ما نلته فقد
نالك وما نالك فقد نلته.
وموضع الشاتمين والناذرين خفض على النعت لابني ضمضم، وموضع عرضي خفض بإضافة
الشاتم إليه. ويجوز أن يكون في موضع نصب بالشاتمي، ومعناه الشاتمين، إلا أن النون حذفت من
التثنية بناء على حذفها من الواحد، والاختيار الخفض؛ لأن النصب إذا أريد دخلت النون. يقال:
رأيت الضاربَي زيد، ورأيت الضاربِي زيد، فتختار خفض زيد على نصبه. ويجوز أن تقول: رأيت
الضاربَيْ زيداً، ورأيت الضاربِي زيداً على التفسير الذي مضى؛ فإذا أدخلت النون لم يجز إلا
النصب كقولك: رأيت الضاربين زيداً ورأيتُ الضاربِين زيدا. قال الله عز وجل: (والمقيمي الصلاةِ)،
فقراءة العوام خفض الصلاة. وروى العباس بن الفضل عن أبي عمرو: (والمقيمي الصَّلاةَ)، بنصب
الصلاة على ما مضى من التفسير.