وقال قطرب: عنترة يكون مشتقا من العنتر، وهو الذباب، فيكون فعلة من ذلك. وقد يجوز أن يكون
عنترة فنعلة من العتيرة، وهي التي تنحر للآلهة أول ما تنتج. يقال: عتر الرجل يعتر: فعل ذلك. قال
زهير:
فزلّ عنها وأوفَى رأسَ مرقبةٍ ... كناصب العِتْر دمَّي رأسَه النسكُ
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال: (لا فرعة ولا عتيرة). فالفرعة: ذبيحة كانوا
يذبحونها في رجب للأصنام، والعتيرة هي التي قدمنا تفسيرها.
وقال قطرب: يجوز أن يكون عنترة مشتقا من العتر، وهو الذكر، ويكون مشتقا من العترة، وهي
شجرة صغيرة تكون بنجد وتهامة، كثيرة اللبن.
فقال عنترة أول ما قال من الشعر يذكر قتل معاوية بن نزال وغيره، وكان عنترة يومئذ لا يقول من
الشعر إلا البيت والبيتين في الحرب، فقال:
(هَلْ غَادَرَ الشُّعَراءُ مِنْ مُترَدَّمِ ... أَمْ هَلْ عَرَفْت الدَّارَ بَعدَ تَوَهُّمِ)
قال يعقوب: سمعت أبا عمرو يقول: لم اكن أروى هذا البيت لعنترة حتى سمعت أبا حزام العكلي
ينشده له.
وقوله (غادر) معناه ترك. يقال: بقى لساعي بني فلان غدر، أي شيء من الصدقة لم يقبضه. وقال
الله عز وجل: (وحَشَرناهمْ فلم نُغادِرْ منهم أحداً).