(فلا تَكْتُمُنَّ اللهَ ما في صَدُوركم ... ليَخفَى ومَهما يُكتَمِ اللهُ يَعلَمِ)

معناه: لا تكتموا الله تعالى ما صرتم إليه من الصلح وتقولوا إنا لم نكن نحتاج إلى الصلح وأنا لم

نسترخ من الحرب؛ فإن الله جل وعلا يعلم من ذلك ما تكتمونه. يقال كتمت الأمر كتمة وكتمانا، إذا لم

تظهره. وقال الأصمعي: يقال ناقة كتوم، إذا كانت لا ترغو. قال: ويقال قوس كاتم، إذا لم ينصدع

قلبها. ويقال كتمت المزادة كتوما، إذا ذهب سيلانها، حكى هذا يعقوب عن أبي عمرو الشيباني. يقال

خفي الشيء يخفى، إذا استتر؛ وأخفيته، إذا سترته؛ وخفيته، إذا أظهرته. وقال أبو جعفر: معنى

البيت لا تظهروا الصلح وفي أنفسكم أن تغدروا، كما فعل حصين بن ضمضم إذ قتل ورد بن حابس

بعد الصلح. يقول: فلا تفعلوا، صححوا الصلح.

وموضع تكتمن جزم على النهى، والنون دخلت للتوكيد، وما نصب بوقوع الفعل عليها، ويخفى

نصب بلام كي، وبكتم جزم بمهما، ويعلم جواب الجزاء.

(يُؤَخَّرْ فَيوضَعْ في كِتاب فيُدَّخَرْ ... ليوْمِ الحِساب أو يُعَجَّلْ فَيُنْقَمِ)

قال يعقوب: معناه لا تكتمن الله تعالى ما في نفوسكم فيؤخر ذلك إلى الحساب فتحاسبوا به ويعجل

في الدنيا لكم النقمة به. وقال أبو جعفر: إنما أراد بهذا الغدر وتعظيم شأنه.

ويؤخر مجزوم على الاتباع ليعلم. قال الله عز وجل: (ومَن يَفعلْ ذلك يَلْقَ أثاماً يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ).

فجزم يضاعف على الإتباع ليلق أثاما. وموضع فيدخر ويعجل وينقم نسق على يؤخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015