(يُنجِّمُها قَوْمٌ لِقَوْمٍ غَرَامةً ... ولم يُهَرِيقُوا بَينَهُمْ مِلءَ مِحْجَمِ)
قوله (ينجمها) معناه يجعلونها نجوما ويؤدونها نَجْماَ نجماً. يقول: لم يكن لهم في تلك الحروب ذنب
ولاهراقوا فيها دما، ولكنهم حملوها. يقال أرقت الماء أريقه إراقة، ويا فلان أرق ماءك، والماء مراق.
وقوم يبدلون من الهمزة هاء فيقولون هرقت الماء أهريقه هراقة، والماء مهراق، ويا فلان هرق.
وقوم يتوهمون أن الهاء أصلية - وإنما هي بدل من ألف أفعلت - فيزيدون عليها ألفا فيقولون
أهرقت الماء أهريقه إهراقا، والماء مهراق بتسكين الهاء، ويقولون أهرق ماءك. ويقال ملأت الإناء
فأنا أملؤه ملئا بفتح الميم، والمِلء، بكسر الميم الاسم، وهو ما يأخذه الإناء الممتلئ من الشراب. يقال
أعطني ملء القدح وملأيه، وأعطني ثلاثة إملائه. وأصل يهريق يؤروق، فأبدلوا من الهمزة هاء
فصار يهروق، واستثقلوا الكسرة في الواو فألقوها على الراء، وصارت الواو ياء لانكسار ما قبلها.
والقوم يرتفعون بفعلهم، والغرامة تنتصب على المصدر، والملء ينتصب بوقوع الفعل عليه.
(أَلاَ أَبلِغِ الأَحلافَ عنِّى رِسَالةً ... وذُبْيانَ هَلْ أَقْسمتمُ كُلَّ مُقْسَمِ)
الأحلاف: أسد وغطفان، الواحد حلف. يقال فلان حلف بني فلان، إذا حالفوه أن يمنعوه مما يمنعون
منه أنفسهم وأن يكون معهم يدا على غيرهم. ويقال أقسمت في اليمين فأنا أقسم إقساما ومقسما.
والمقسمة: الموضع الذي يحلف فيه.
وألا افتتاح للكلام. والرسالة مفعول ثان، وكل مقسم منصوب على المصدر.