خزاعة أخذتها العدسة حتى كادت تفنيهم، فلما رأت ذلك جلت عن مكة،

فمنهم من وهب مسكنه، ومنهم من باع؛ ومنهم من أسكن.

قال أبو عبيدة: وهذا باطل، ليس كما قال الخلفي.

فولي البيت قصي، وأمر مكة والحكم بها، وجمع قبائل قريش فأنزلهم أبطح مكة، وكان بعضهم في

الشعاب في رءوس جبال مكة، فقسم منازلهم بينهم فسمى مجمعا. وفيه يقول مطرود أو غيره لبنيه:

وزيدٌ أبوهمْ كان يُدعَى مجمِّعا ... به جَمَع اللهُ القبائلَ من فهرِ

وملكه قومه عليهم، فكان قصي أول من أصاب الملك من ولد كعب بن لؤي. فلما قسم أبطح مكة

أرباعاً بين قريش هابوا أن يقطعوا شجر الحرم ليبنوا منازلهم، فقطعها قصي بيده، ثم استمروا على

ذلك من سنة قصي.

(يَمِيناً لَنِعْمَ السَّيِّدَانِ وُجِدْتُمَا ... عَلَى كُلّ حَالٍ مِنْ سَحِيلٍ ومُبْرَمِ)

معناه: لنعم السيدان وجدتما حين تفاجآن لأمر قد أبرمتماه. وأمر لم تبرماه ولم تحكماه، على كل حال

من شدة الأمر وسهولته. وأصل السحيل والمبرم أن المبرم يفتل خيطين حتى يصيرا خيطا واحدا.

والسحيل خيط واحد لا يضم إليه آخر. وقال أبو جعفر: قوله (من سحيل ومبرم) معناه من أمر شديد

أو لين، محكم أو غير محكم. وأنشد يعقوب:

باتَ يُصادي أمرَه أمُبْرمُه ... أعْصَمُه أم السَّحيل أعصَمُه

ويمينا نصب بأقسمت، وموضع نعم نصب بوجدتما، والسيدان رفع بنعم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015