كأنَّ فاها إذا تُوسِّنَ في طِي ... بِ مَشَمٍّ وحُسْنِ مُبْتَسَمِ
رُكِّب في السَّام والزَّبيب أقَاح ... يُّ كثيبٍ تَنْدَى من الرّهَمِ
أراد بالزبيب الخمر. شبه طيب ريقها بالخمر. والسام: عروق المعدن، وهو أسود. فشبه سمرة لثتها
بسواد معدن الذهب والفضة. ويقال شجرة لمياء الظل، إذا كانت سوداء الظل كثيفة لكثرة أغصانها
وورقها. قال حميد بن ثور:
إلى شجر ألمى الظِّلال كأنه ... رَواهبُ أحْرمنَ الشَّرابَ عُذُوبُ
فشبه سواد الظل وكثرته بمسوح تكون على الرواهب. وأكثف الظل ظل حجر أو ظل جبل. قال
الراجز، وهجا رجلا بسواد الوجه فقال:
كأنما وجهك ظلّ من حَجَرْ
وقال أبو جعفر أحمد بن عبيد: معنى قوله: (عن ألمى): وتبسم عن ثغر رقيق براق كأنه من بريقه
ألمى، أو يخيل إلى الناظر إليه أن فيه غبرة من شدة صفائه. واحتج بقول الآخر:
وزُرق كستهنَّ الأسنَّةُ هَبوةً ... أرقَّ من الماء الزُّلال كليلُها
أراد بالزرق الأسنة. وقوله (كستهن الأسنة هبوة) أراد كستها الأسنة: المسان التي تحددها وتجلى
عليها غبرة، من شدة صفائها ورقتها. وقال غيره: المنور: الأقحوان الذي قد ظهر نوْره؛ ونَورُه
ونُوّاره: زهره. والأقحوان: نبت طيب الريح يقال هو خيري البر. فشبه بياض الثغر ببياض نور
الأقحوان. وقوله: (تخلل حر الرمل) معناه توسطه ودخل فيه ونبت في وسطه، يعني الأقحوان، فإذا
كان كذلك