أودَى الذي عَلِق الصَّحيفة منهما ... ونجا حِذَارَ حِبائه المتلمِّسُ
ألقىَ صحيفتَه ونحَّى كُورَه ... وَجْناءُ مُجْمَرةُ المناسم عِرمِسُ
عَيرانة طَبَخَ الهواجر لحمَها ... فكأنَّ نُقْبَتَها أديمٌ أملسُ
العيوانة: المرحة النشيطة، شبهت بعير الفلاة فيما زعم أبو عبيدة. وقوله: (طبخ الهواجر لحمها)، أي
أضمرتها الهواجر وعصرت بدنها، أي شحمتها، فانضمت لذلك. والواجر، والهجير، والهجر:
انتصاف النهار في شدة الحر. والوجناء: الضخمة العظيمة الصلبة، فكأنها لصلابتها ضربت بمواجن
القصار، الواحدة ميجنة، وهي مدقته. ويقال: الوجناء: العظيمة الرأس والوجنات، تشبه بالفحل.
ويقال: الوجناء الغليظة، أخذت من الوجين من الأرض، وهو ما غلظ. وقال ثابت (مجمرة المناسم)
معناه مجتمعة لطيفة. وقال الأصمعي: هي المجتمعة في صلابة وصغر. وقالوا كلهم: عظم الأخفاف
من الهجنة وليس من صفة النجائب. وللأعشى:
فأبقى رَوَاحي وسَيْرُ الغُد ... وِّ مِنها ذواتِ حذاء صغارا
وكل شيء جمعته فقد جمرته. ويقال للمرأة أجمري شعرك، أي اجمعيه. ويقال: جمر أمر الناس، أي
جمعه. قال الأعشى، وذكر النعمان بن المنذر:
يُجمِّر أمرَ الناس يوماً وليلة ... فهم ساكتون والمنية تنطقُ
عنى بالمنية النعمان. وقال أحمد بن عبيد. شبه النعمان بالمنية التي إذا جاءت لا يردها أحد، فكذلك
النعمان ينفذ أمره ولا يرده أحد. وقال العباس بن مرداس:
يأيها الرجلُ الذي يَهِوى به ... وَجْناءُ مُجْمَرةُ المناسِم عِرمِسُ