وَيُحْذَفُ النَّاصِبُهَا: يعني ناصب الفضلة، فالضمير هنا يعود على قوله: وَحَذْفَ فَضْلَةٍ، على المضاف إليه، فأعاد الناظم هنا الضمير على المضاف إليه، وهذا على الصحيح أنه جائز، أنه يجوز عود الضمير على المضاف إليه، وقيل: لا؛ لأن المضاف إليه كجزء من كلمة، كالدال من زيد والياء من زيد، فلا يجوز عود الضمير على بعض الكلمة، والمضاف والمضاف إليه بعد الإضافة صار كجزءٍ واحد، وحينئذٍ نقول: عود الضمير على المضاف إليه كعوده على دال زيد، والصواب: لا؛ لأن غلام زيد وإن كان في المعنى كالكلمة الواحدة إلا أنه في الحقيقة كلمتان، بدليل: إجراء الإعراب على محلين، جاء غلام زيد، كم إعراب هنا؟ غلام زيد كم إعراب؟ فيه إعرابان، فيه محلان: أولاً: غلامُ على أنه فاعل، والمقتضي للرفع هو جاء، والميم حرف الإعراب، يعني محل الإعراب. زيدٍ: مضاف إليه، هذا مجرور. إذاً: الأول مرفوع والثاني مجرور اختلفا، فدل على أنهما ليسا كلمة واحدة حقيقية، حينئذٍ لا بد من الفصل.
إذاً: وَيُحْذَفُ النَّاصِبُهَا أعاد الضمير على المضاف إليه وهو جائز.
وَيُحْذَفُ: هل المراد بالحذف هنا الحذف الواجب أم الجائز؟ الجائز، لماذا؟ وَقدْ يَكُونُ حَذْفُهُ مُلْتَزَمَا، دل على أن المراد بقوله: وَيُحْذَفُ؛ جوازاً، ولا يشمل الواجب؛ لأنه فصله عنه.
وَيُحْذَفُ: أي يجوز حذفه؛ لأنه في مقابلة الحذف الواجب.
النَّاصِبُهَا: يعني الذي نصبها.
إِنْ عُلِمَا: يعني بالقرينة، إن علما بالقرينة، وإذا حذف فقد يكون حذفه جائزاً نحو: ((قَالُوا خَيْراً)) ((مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً)) يعني: أنزل ربنا خيراً، خَيْراً هذا مفعول به حُذف ناصبه، هل دل عليه دليل؟ نقول: نعم، لا بد من دليل. ((قالوا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً)) يعني: أنزل خيراً، قالوا: أنزل خيراً. ((وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ)) يعني: بل أتبع ملة إبراهيم، فملة نقول: هذا منصوب على أنه مفعول به لفعل محذوف تقديره: أتبع.
القرطاسَ، إذا رأيت رجل يسدد سهماً، القرطاسَ: هذا مفعول به لفعل محذوف جوازاً.
إذاً: وَيُحْذَفُ النَّاصِبُهَا إِنْ عُلِمَا
نقول: اشترط في حذف الناصب علمه دون حذف الفضلة؛ لأنه أحد ركني الإسناد وعمديته، فلا يستغني الإسناد عنه حتى يحذف بلا دليل بخلاف الفضلة، الفضلة يحذف بدليل وبدون دليل، وأما ناصب الفضلة فلا يحذف إلا بدليل؛ لأنه عمدة وركن في الإسناد.
وَيُحْذَفُ النَّاصِبُهَا إِنْ عُلِمَا
وإذا أردنا تقديره حينئذٍ، قلت مثلاً: زيداً، ضربت من؟ زيداً، حذفت، إذا أردت تقديره أين تقدره، متأخر أو متقدم؟ متقدم، لماذا؟ لأنه الأصل، بقطع النظر عن كونه مطابقاً للسؤال. ضربتَ من؟ من ضربتَ؟ زيداً، الأصل في المعمول أن يكون متأخراً عن العامل، فإذا جئت تقدره حينئذٍ تقدم العامل على المعمول، فتقول: ضربتُ زيداً، وكذلك في قوله: ((قَالُوا خَيْراً)) المفعول به يجوز تقديمه على العامل، خيراً أنزل، أنزل خيراً؛ يجوز الوجهان، لكن لا تقدره إلا قبله؛ لأنه عامل وهو الأصل.