وكقولك في أعطيت زيداً درهماً: أعطيتُ، أعطيتُ زيداً درهماً؛ حذفت المفعولين، اقتصاراً أو اختصاراً جائز، ومنه قوله تعالى: ((فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى)) حذف المفعولين، وأعطيت زيداً: هذا حُذف الثاني، ومنه قوله تعالى: ((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ)) يُعْطِيكَ رَبُّكَ؛ حذف الثاني، وأعطيت درهماً أعطيت من؟ هذا لا يشترط فيه ذكره، أعطيت درهماً المراد: أني أخبرك أني أعطيت درهماً، أعطيت من؟ هذا ليس إليك، لا يشترط فيه أن يكون عالماً بالمحذوف.
ومنه: ((حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ)) حتى يعطوكم الجزية.
فإن ضر حذف الفضلة لم يجز حذفها كما إذا وقع المفعول به في جواب سؤال نحو: أن يقال: من ضربتَ؟ فتقول: ضربت زيداً، أو وقع محصوراً: ما ضربت إلا زيداً، فلا يجوز حذف زيداً في الموضعين إلا يحصل في الأول الجواب ويبقى الكلام في الثاني دالاً على نفي الضرب مطلقاً، والمقصود نفيه عن غير زيد فلا يفهم المقصود عند حذفه.
وَيُحْذَفُ النَّاصِبُهَا إِنْ عُلِمَا
وَيُحْذَفُ النَّاصِبُهَا، أولاً قال: وَحَذْفَ فَضْلَةٍ يعني: المفعول به ما عدا مفعولي ظن، هذا الكلام في المفعول نفسه، والمفعول لا بد أن يكون منصوباً بعامل، والعامل قد يكون اسماً وقد يكون فعلاً، وحينئذٍ نقول: يجوز حذف الناصب، الآن الكلام في الناصب ليس في الفضلة، وإنما ما نصب الفضلة، هل يجوز حذفه أم لا؟ الأصل الجواز، لكن بشرط أن يدل عليه دليل، هنا اشترطنا القرينة مع الحذف، يعني: لا يحذف إلا بقرينة، وفي السابق قلنا: لا يشترط فيه قرينةك
وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ: مطلقاً بلا دليل وبدليل اقتصاراً واختصاراً، هنا لا، لا يحذف اقتصاراً وإنما يحذف اختصاراً وهو ما كان بدليل، لماذا؟ لأن السابق ليس عمدة فلا يجب ذكره، هذا الأصل.
وأما الناصب إذا كان فعلاً فهو عمدة، والعمدة لا يحذف بلا دليل، ولذلك قال هنا:
وَيُحْذَفُ النَّاصِبُهَا إِنْ عُلِما
لا بد من هذا القيد، فإن لم يعلم لا يجوز حذفه البتة.
وَيُحْذَفُ النَّاصِبُهَا
النَّاصِبُهَا: الغلامُ زيدٍ، يصح؟ هل يصح دخول ناصبها؟ ناصبها: مضاف ومضاف إليه، الإضافة لا تجامع (أل)، الغلامُ زيدٍ هذا لا يصح، كونه وصفاً، وهذا سيأتينا إن شاء الله.
وَوَصْلُ (ألْ) بِذَا المُضَافِ مُغْتَفَرْ، فيه شروط.
إذاً: النَّاصِبُهَا: يعني الذي نصبها، هذا مراده؛ لأنه في قوة الجملة الفعلية.