أَوْ حُصِرْ: يعني حصر المفعول به، كان محصوراً فلا يجوز حذفه، مثل ما ضربت إلا زيداً، زيداً هذا مفعول به محصور بعد (إلا) لا يجوز حذفه، لا تقول: ما ضربت إلا زيداً، بمعنى: أنه نفي الضرب مطلقاً عن غير زيد وأُثبت لزيد. ما ضربت إلا زيداً؛ أُثبت الضرب لخصوص زيد ونفي عما عداه، لو قال: ما ضربت وحذف المفعول به نفي الضرب مطلقاً وهو قد ضرب زيد، إنما ضربت زيداً، زيداً هذا محصور فيه، لا يصح أن نقول: إنما ضربت، ضربت من؟ كل الناس، هذا ممتنع، بعض الناس، من هم؟ لا بد من التعيين.

أو حُذف عامله، نحو: إياك والأسدَ، احذر، تحذير، هذا منصوب على التحذير، إياك: هذا مفعول به لفعل محذوف وجوباً، هل يجوز حذفه؟ لا يجوز حذفه.

إذاً: في هذه المواضع الثلاث لا يجوز حذف الفضلة البتة؛ إذا كان جواباً لسؤال، أو كان محصوراً، أو كان منصوباً على التحذير أو الإغراء.

وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ إِنْ لَمْ يَضِرْ

قوله: فَضْلَةٍ؛ عرفنا الآن بالأمثلة السابقة المفعول الواحد.

قوله: فَضْلَةٍ؛ يشمل المتعدي إلى واحد، نحو: ضربت، والأمثلة السابقة عليه، ويدخل فيه أيضاً يدخل فيه الأول من المتعدي إلى الاثنين، مثل ((وَأَعْطَى قَلِيلاً)) قَلِيلاً هذا مفعول ثاني حذف الأول، وأعطاك، أو أعطاه نقول: هذا حذف فيه الأول، والثاني كقوله: ((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ)) يعطيك ماذا؟ حذف، حُذف الثاني، ((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ)) والأول والثاني معاً، نحو: ((فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى)) فهذا يجوز حذف المفعولين اقتصاراً واختصاراً، ((فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى)) أعطى يتعدى إلى اثنين، أين المفعولان؟ لم يذكرا.

ويجوز حذفهما ولو بدون قرينة، ولو لم يعلمه السامع، لا يشترط فيه ذكر قرينة إلا في باب (ظن)؛ لأنه عمدة في الأصل، وأما هذا لا، هذا داخل في قوله: وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ؛ فهو مطلق.

وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ إِنْ لَمْ يَضِرْ ... كَحذْفِ مَا سِيقَ جَوَاباً أَوْ حُصِرْ

الفضلة خلاف العمدة، والعمدة: ما لا يستغنى عنه. وهذا ليس بجيد؛ لأن ما لا يستغنى عنه قد يكون فضلة، ومثله ما كان واقعاً في جواب سؤال، زيداً لا بد منه لا يستغنى عنه، ما ضربت إلا زيداً؛ هذا لا يستغنى عنه وهو فضلة عندهم، وحينئذٍ ما لا يستغنى عنه فيه نظر.

والفضلة ما يمكن الاستغناء عنه كالمفعول به، فيجوز حذف الفضلة إن لم يضر، كقولك في ضربت زيداً: ضربتُ، جائز هذا، تقول: ضربت، أكلت، ليس شرطاً أنك تخبر الناس ماذا أكلت، تقول: أكلت والحمد لله، وحينئذٍ تحذف المفعول ولا يشترط ذكره، قد لا يعلم السامع بالمفعول، لا يشترط فيه قرينة، وحينئذٍ نقول: أكلت، ضربت، شربت، يكفي، شربت ماذا؟ تحذف المفعول ولا تخبر، نقول: هذا حذف فيه المفعول بدون قرينة ولا يشترط فيه قرينة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015