يَضِرْ: بكسر الضاد ويجوز ضمها: يضُر، يضِر يضُر، يجوز ضمها على أن الفعل أجوف واوي، أو على أنه مضعف وُقِف عليه في القافية بالتخفيف، بالسكون يعني، ضرَّ يضِرُّ يضرَّ لكن الكسر أنسب هنا؛ لأنه قال: أَوْ حُصِرْ، يضُر يضِر يجوز الوجهان، لكن يضِر أنسب لئلا يحصل التباس بين نهاية الشطر الأول والثاني، لأنه قال: حُصِرْ يَضِرْ.
وَحَذْفَ فَضْلَةٍ إِنْ لَمْ يَضِرْ: حذفها كما هو الأصل، الأصل فيها عدم الإضرار بعد الحذف، وإنما يكون الحذف لعلة، هذا الأصل فيه، فكل ما ذكر من الأغراض اللفظية أو المعنوية لحذف الفاعل هي عينها في حذف المفعول مطلقاً، حذف الفضلة، إن لم يضر حذفها، وحينئذٍ حذف الفضلة إما لغرض لفظي وإما لغرض معنوي، لغرض لفظي كتناسب الفواصل، قالوا: ((مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)) ما قلاك، حذف المفعول قلاك، حذف من أجل التناسب، تناسب الفواصل، وهذا غرض لفظي.
((إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى)) لمن يخشاه، حذف المفعول به لأجل التناسب.
والإيجاز كما: ((فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا)) تفعلوا ماذا؟ ((وَلَنْ تَفْعَلُوا)) ماذا؟ حذف المفعول في الفعلين من أجل الإيجاز.
وإما معنوي كاحتقاره، كما في قوله تعالى: ((كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ)) أي الكافرين، حذف المفعول به قيل: لاحتقاره هنا.
أو استهجانه، أو العلم به، أو الجهل به، أو تعظيمه، أو الخوف منه، فيحذف المفعول لما يحذف له الفاعل من الأغراض اللفظية أو المعنوية السابقة.
إِنْ لَمْ يَضِرْ: فإن ضر حينئذٍ امتنع حذفه، فإن ضر امتنع حذفه.
كَحذْفِ مَا سِيقَ جَوَاباً أَوْ حُصِرْ
كَحذْفِ: المثال هنا لأي شيء؟ إن لم يضر أو لما ضر؟ ظاهر الكلام هنا:
إِنْ لَمْ يَضِرْ ... كَحذْفِ مَا سِيقَ جَوَاباً أَوْ حُصِرْ
ظاهر الكلام أنه لما لم يضر، لكن الظاهر الصحيح عكسه، كأن التقدير: إن لم يضر فإن ضر امتنع وذلك كحذف، وحينئذٍ التمثيل هنا للحذف الضار.
كَحذْفِ مَا: يعني فضلة.
سِيقَ جَوَاباً: سيق هذا مغير الصيغة، مثل قيل ساق يسوق سُوِقَ هذا الأصل، سيق بكسر السين، ساق يسوق أي: باب قال يقول.
جَوَاباً: هذا مفعول ثاني لسيق، وسيق هذا فيه نائب فاعل.
كَحذْفِ مَا: يعني مفعول.
سِيقَ جَوَاباً؛ لسؤال سائل: من ضربت؟ ضربت زيداً، فيصح أن يقول: ضربت زيداً ويصح أن يقول: زيداً، المهم أن يذكر المفعول به سواء ذكر الناصب أو لا.
وَيُحْذَفُ النَّاصِبُهَا إِنْ عُلِما
فحينئذٍ لا بد أن نقول: زيداً، لو قيل له: من ضربت؟ قال: ضربت وحذفه ما استفدنا شيء، ما حصل الجواب. إذاً: لا بد أن يحصل الجواب بذكر المفعول، والمفعول به هنا فضلة ولا يستغنى عنه، لا يمكن أن يستغنى عنه؛ لأنه لم يحصل الجواب إلا بذكره بقطع النظر عن العامل ذكر أو لا.
إذاً: كَحذْفِ مَا سِيقَ جَوَاباً: لسؤال سائل: من ضربت؟ ضربت زيداً، أو زيداً، وحينئذٍ نقول: زيداً هذا مفعول به لا يجوز حذفه واجب؛ لأنه لو حذف ضر، ضر بماذا؟ لم يحصل الجواب للسؤال، فبقي السؤال معلقاً دون الجواب، وهذا باطل.