* حالات المفعول الأول والثاني من حيث التقديم والتأخير
* حالات حذف الفضلة (مع تعريف الفضلة والعمدة) ـ
* حالات حذف عامل الفضلة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فما زال الحديث في الباب الذي عقده الناظم رحمه الله تعالى في:
تَعَدِّي الفِعلِ وَلُزُومُهُ.
قال رحمه الله تعالى:
وَالأَصْلُ سَبْقُ فَاعِلٍ مَعْنًى كَمَنْ ... مِنْ أَلْبِسَنْ مَنْ زارَكُمْ نَسْجَ الْيَمَنْ
أَلْبِسَنْ .. أَلْبِسُنْ يجوز فيها الوجهان.
وَالأَصْلُ سَبْقُ فَاعِلٍ: أراد أن يبين لنا بعض مراتب المفاعيل في تقديمها على بعض؛ لأن لبعض المفاعيل الأصالة في التقدم على بعض، وحينئذٍ الأصل التزام ما جاء في لسان العرب، فما قدم من جهة كونه فاعلاً في المعنى على ما هو مفعول به في المعنى هذا هو الأصل، وحينئذٍ يتبع الأصل، نقول: لبعض المفاعيل الأصالة في التقدم على بعض، إما بكونه مبتدأً في الأصل، فما كان مبتدأً في الأصل هو الأولى بالتقدم، وهذا في باب (ظن وأخواتها) ظننت زيداً قائماً، نقول: زيداً هذا مفعول أول، وقائم: هذا مفعول ثاني، أيهما أولى بالتقديم؟ زيد أولى بالتقديم، لماذا؟ لكونه مبتدأً في الأصل.
إذاً: إذا كان المفعول مبتدأً في الأصل فله أحقية التقدم باعتبار أصله قبل دخول (ظن) ظننت زيداً قائماً، وقد يلتزم هذا الأصل فيما إذا قال: ظننت زيداً عمْراً كما سبق بيانه.
أو فاعلاً في المعنى، يقدم على ما كان مفعولاً في المعنى، وهو الذي عقد له هذا البيت، أعطيت زيداً درهماً، أعطيت: فعل وفاعل، وزيداً: مفعول أول، وردهماً: مفعول ثان. أي المفعولين أولى بالتقديم؟ نقول: ما كان فاعلاً في المعنى؛ لأن الفاعل متقدم على المفعول في الرتبة، فما كان فاعلاً في المعنى أولى بالتقديم على ما كان مفعولاً في المعنى، وحينئذٍ زيد هو الآخذ، والدرهم هو المأخوذ، حينئذٍ زيد فاعل في المعنى فهو أولى بالتقديم على المفعول في المعنى.
أو غير مقيد بحرف لفظاً أو تقديراً والآخر مقيد، وهذا في باب اختار، نقول: اخترت زيداً القوم، اخترت زيداً من القوم، زيداً: هذا مفعول أول لاختار، والقوم: مفعول ثاني، أيهما أولى بالتقديم؟ غير المقيد بحرف أولى، لأن المقيد بحرف أدنى، وإذا كان أدنى فرتبته حينئذٍ التأخير، فزيداً نقول: هذا مفعول به تعدى إليه اختار بنفسه مباشرة، وأما قوماً؛ فهذا مقيد بحرف الجر، إما ملفوظاً في نحو: اخترت زيداً من القوم، ملفوظ به. وإما مقدراً فيما إذا حذف: اخترت زيداً القومَ، ظننت زيداً قائماً، أعطيت زيداً درهماً، اخترت زيداً القومَ أو من القومِ، هذه مفاعيل النظر فيها باعتبار المعاني، فحينئذٍ الأولى بالتقديم هو ما كان فاعلاً في المعنى أو ما كان مبتدأً في الأصل أو ما كان غير مقيد بحرف جر لفظاً أو تقديراً.
قال الناظم:
وَالأَصْلُ: ما المراد بالأصل هنا؟ الراجح، يطلق ويراد به الراجح، الراجح سَبْقُ فَاعِلٍ: الأَصْلُ مبتدأ، وسَبْقُ فَاعِلٍ، سَبْقُ: خبر، وهو مضاف وفَاعِلٍ مضاف إليه، من إضافة المصدر إلى فاعله، فالفاعل فاعل، في اللفظ مفعول به وهو فاعل في المعنى.