الثالث: القياسي، وذلك في (أنَّ) بالتشديد و (أنْ وكي) ثلاثة، الناظم ذكر ثنتين وبقي عليه الثالث، والأولى جعله قسمين موقوف على السماع ومطرد كما قال الناظم هنا.

إذاً: وَإِنْ حُذِفْ حرف الجر.

فَالنَّصْبُ لْلِمُنْجَرِّ: واجب، يجب نصب المنجر؛ لأنه لا يبقى على حاله، لأننا لو أبقيناه على حاله لوقعنا في محذور كبير؛ وهو إعمال حرف الجر وهو محذوف، وهذا منكر، يجب عدم القول به، فحينئذٍ يتعين نصب المجرور، فتقول: مررت زيداً، كيف أصبحت؟ خيراً، هذا الأصل فيه، لكن هذا يسمع في ألفاظ وتحفظ ولا يقاس عليها، وإنما القياس يكون في المطرد فحسب.

وَإِنْ حُذِفْ: يعني وإن حذف بإسكان الفاء، مجزوم بـ (إن) لأنه فعل ماضي، حذف: فعل ماضي، سكنه هنا من أجل الروي.

وَإِنْ حُذِفْ فَالنَّصْبُ: الفاء واقعة في جواب الشرط، والنصب هذا مبتدأ.

لْلِمُنْجَرِّ: جار ومجرور خبر، فالنصب للمنجر وجوباً، وناصبه عند البصريين الفعل، وعند الكوفيين إسقاط الحرف، إذا قلت: مررت زيداً هذا منصوب، والأصل فيه: مررت بزيد، ما الناصب له؟ نقول: الفعل مر، وهذا مذهب البصريين، وإسقاط الحرف هو العامل فيه على مذهب الكوفيين، ويضعفوا الثاني: أن إسقاط الحرف عدم، وإذا كان كذلك حينئذٍ صار العامل معنوياً، وسبق قاعدة: أنه لا يصار إلى العامل المعنوي إلا عند عدم إمكان تعليق الحكم بالعامل اللفظي؛ لأن العامل المعنوي ضعيف في نفسه، عدم، ليس بشيء كيف ينصب؟ كيف يرفع؟ كيف يجر؟ نقول: الأصل عدمه، فهو عدم، والعدم لا يحدث شيئاً، فمتى ما أمكن تعليق الحكم هنا -العمل نصب أو رفع أو جر- بلفظ ملفوظ به فهو أولى ومرجح، ولذلك انحصر العامل المعنوي في اثنين لا ثالث لهما كما سبق بيانه.

وَإِنْ حُذِفْ: يعني حرف الجر.

فَالنَّصْبُ لْلِمُنْجَرِّ: بالفعل، على مذهب البصريين.

نَقْلاً: يعني منقولاً، فهذا نقلاً، هل هو راجع للحذف أو للنصب؟

وَإِنْ حُذِفْ فَالنَّصْبُ لْلِمُنْجَرِّ نَقْلاً: عندنا أمران: إما الحذف وإما النصب، ظاهر الكلام في النصب وليس الأمر كذلك، بل المراد به الحذف.

قوله: نَقْلاً؛ ظاهره أنه راجع للنصب وليس كذلك، بل هو راجع لحذف حرف الجر، وأما النصب فليس بنقل، وإنما هو الحذف، لأنَّ كلامنا فيه: هل يجوز حذف حرف الجر أو لا؟ نقول: نعم، يجوز من جهتين: سماعاً ومقيساً.

إذاً: نَقْلاً؛ نقول: هذا المراد به أن الحذف منقول في لسان العرب، وحينئذٍ يسمع ولا يقاس عليه. متى يحذف حرف الجر؟ نقول: لا يحذف إلا في ما هو قياس مطرد، وهو ما أشار إليه بقوله:

وَفِي أَنَّ: أخت إنَّ، وأنْ الناصبة للفعل المضارع، وزد عليها كي، هذه ثلاثة أحرف يجوز حذف حرف الجر الداخل عليها قياساً مطرداً، يعني تستعمله في لسانك مطلقاً، تتكلم به، وأما المنقول سماعاً لا، لا تتكلم به، وإنما إذا سمعته في كلام العرب تحمله على أنه شاذ ولا تقس عليه.

وَفِي أَنَّ: يعني وحذف حرف الجر في (أنَّ وأنْ) يَطَّرِدُ، مطرد، يعني: يوجد كثير فهو مطرد قياساً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015