إذاً: ولو بالنسبة إلى ما يتعدى إليه بحرف الجر فيدخل المتعدي إلى المفعول الثاني بحرف الجر، يدخل في الجملة هنا، قد يحذف حرف الجر ويبقى عمله، لكن نحكم عليه بكونه شاذاً، قد يحذف حرف الجر ويبقى عمله، يبقى عمله: مررت بزيد، مررت زيدٍ، زيدٍ؛ نقول: هذا مجرور بالباء المحذوفة، هل يجوز حذف حرف الجر وإبقاء عمله؟ نقول: الصواب: لا، لماذا؟ لأن الحرف وهو ملفوظ به ضعيف -عامل ضعيف-، لأن الأصل في الحروف كلها بلا استثناء ألا تعمل، فإذا أُعملت حينئذٍ صارت فرعاً، وإذا كانت فرعاً يقيد في إعمالها أن تكون ملفوظاً بها، فإن لم يلفظ بها وحذفت حينئذٍ ازداد الحرف من حيث العمل ضعفاً وضعفاً وضعفاً، فامتنع أن يعمل وهو محذوف، فتقيد إعماله بذكره، فإن حذف فالأصل في المجرور أن ينتصب، ولذلك يقال: مررت زيداً، وأما ما حكي عن رَؤْبَةُ: كَيفَ أَصْبَحْتَ؟ قال: خَيْرٍ، يعني بخير، هذا يحفظ ولا يقاس عليه، كَيفَ أَصْبَحْتَ؟ قال: خَيْرٍ، يعني بخير، حذف حرف الجر وأبقى المجرور كحاله كما هو، نقول: هذا ضعيف، يعني يحفظ ولا يقاس عليه بل هو شاذ.

إذاً: قد يحذف حرف الجر ويبقى الجر شذوذاً، أَشارَتْ كُلَيْبٍ بالأَكُفِّ الأَصابِعُ، أَشارَتْ كُلَيْبٍ، يعني: أشارت إلى كليب، حذف (إلى) وأبقى كليب كما هو مجرور، نقول: هذا يحفظ ولا يقاس عليه، وهو شاذ.

................................ ... وَإِنْ حُذِفْ فَالنَّصْبُ لْلِمُنْجَرِّ

نَقْلاً وَفِي أَنَّ وَأَنْ يَطَّرِدُ ... .......................................

قسَّم لنا المحذوف -إن حذف حرف الجر- إلى نوعين: قياسي وسماعي، قياسي مطرد يقاس عليه، وسماعي.

إذاً: قد يحذف الحرف وينصب المجرور، وهذا قيل: ثلاثة أقسام، وقيل: قسمان، قسمه ابن هشام في التوضيح إلى ثلاثة أقسام، واعترض بأن الأولى أن يجعل قسمين: سماعي كما قال الناظم هنا: نَقْلاً، إذاً: سماعي، يعني منقول، وبـ (أَنَّ) و (أَنْ) يَطَّرِدُ، إذاً قياسي، قابَل هذا بذاك فدل على أن القسمة ثنائية، وهذا أولى، وابن هشام جعلها ثلاثة: الأول: سماعي جائز في النثر، مثَّل له بـ: نصحته وشكرته، نصحته وشكرته، أصلها قلنا: نصحت له، هذا لازم، ثم حذف حرف الجر واتصل الضمير بالعامل فانتصب على أنه مفعول به له.

إذاً: حذف حرف الجر وانتصب.

وَإِنْ حُذِفْ فَالنَّصْبُ لْلِمُنْجَرِّ: الضمير هو منجر في المحل، لما حذف اللام اتصل الضمير بشكر فانتصب على أنه مفعول به له.

كذلك: نصحته، أصلها: نصحت له، هو لازم، والمتعدي فرع عنه؛ لأن الأصل نصحت له حذفت اللام ثم اتصل الضمير بالعامل، والأكثر ذِكرُ اللام: ((وَنَصَحْتُ لَكُمْ)) جاء في القرآن، ((أَنْ اشْكُرْ لِي)).

النوع الثاني: سماعي خاص بالشعر، كقول القائل: (كَمَا عَسَلَ الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ)، الثعلب: فاعل، عَسَلَ الطَّرِيقَ، يعني: عسل في الطريق، حذف (في) ثم نصب ما بعده، هذا سماعي؛ لأنه ليس من القسم المطرد الآتي ذكره.

وقوله:

آلَيتُ حَبَّ الْعِرَاقِ الدَّهرَ أَطعَمُهُ

آلَيتُ: حلفت يعني، حلفت على حب العراق، آلَيتُ حَبَّ الْعِرَاقِ، حذف على وانتصب ما بعده بنزع الخافض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015