وَعَدِّ لاَزِماً: الفعل إذا طلب مفعولاً من جهة المعنى ولم يصل إليه بنفسه لضعفه عنه عدي إليه بحرف الجر، وهذا إنما يكون في اللازم، ولذلك إذا قيل: ضعفه، يعني ليس الضعف من حيث العمل، وإنما الضعف من حيث المعنى؛ لأن الحدث هنا قلنا: لا بد من النظر فيه؛ هل يتعدى الحدث أم لا؟ فإن تعدى لا بد أنه يقتضي ما يقع عليه، وإلا بقي على أصله وهو اللزوم.
وَعَدِّ لاَزِماً بِحَرْفِ جَرِّ عده بحرف جر، ويختلف، كل فعل في لسان العرب قد يختص بحرف جر دون غيره، وهذا مرجعه إلى فقه اللغة، يعني ينظر في القواميس هذه الأفعال استعملت متعدية بأي الحروف؟ ليست المسألة عشوائية هكذا تعدي فيما شئت لا، لا بد من النظر في لسان العرب، ما عدي بـ (إلى) اقتصر به، ولذلك لما اختص بعضها بحروف جاءت مسألة التضمين، جاءت مسألة التضمين لماذا؟ لأنه قد يعد فعل بغير حرف وضع له في لسان العرب، وحينئذٍ نقول: ضمنه كذا، وهذا مر معنا في أول الألفية: وَأَسْتعِينُ اللهَ فِي ألْفِيَّهْ، قلنا: في (أستعين) لا يتعدى بـ (في) وإنما يتعدى بـ (على)، ((وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ))، ((وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا))، إذاً: ضمنه معنى استخير؛ لأن استخار يتعدى بـ (في). لماذا نقول هذا؟ لأننا في لسان العرب لم نجد الاستعانة ومشتقاتها متعدية إلا بـ (على)، أو (الباء) ((وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ)) فحينئذٍ إذا عدي بغير الحرف الذي وضع له في لسان العرب لا بد من القول بأنه مضمن؛ لأن المسألة ليست عشوائية تضع ما شئت من الحروف، لا بد من قيد.
بِحَرْفِ جَرِّ: ذهبت بزيد، الباء هنا للتعدية، وزيدٍ في المعنى مفعول به؛ لأنه في قوة أذهبته، وأذهب هذا يتعدى بنفسه، هو موازٍ له، من حيث المعنى موازي، لماذا؟ لأن ذهبت بزيدٍ من حيث العمل هو لازم، لكن من حيث المعنى هو متعدي، فوازنه أذهبته من حيث اللفظ والمعنى، فسرته بما يوافق المعنى من حيث اللفظ والمعنى كذلك، فأذهبته: هذا متعدي معنىً ولفظاً، وذهبت: هذا متعدي من حيث المعنى لا من حيث اللفظ، وحينئذ: وَعَدِّ لاَزِماً بِحَرْفِ جَرِّ
حكم اللازم أن يتعدى بالجار، نحو: عجبت منه، ومررت به، وغضبت عليه.
وقوله: لاَزِمَاً: يعني ولو بالنسبة إلى ما يتعدى إليه بحرف الجر، فيدخل المتعدي إلى المفعول الثاني بحرف الجر، سمَّى يتعدى إلى مفعولين: أحدهما يتعدى إليه بنفسه، والثاني بحرف الجرن سميت ابني بمحمد، سميت ابني محمداً، يجوز أن يتعدى للثاني بنفسه ويجوز أن يتعدى إليه بحرف الجر، المثال في الثاني -إذا تعدى إليه بحرف الجر-، حينئذٍ ننظر إلى سمَّى باعتبارين: باعتبار تعديه إلى الأول بنفسه لا إشكال فيه، والثاني تعدى إليه بحرف الجر، نقول: بهذه النظرة أو بهذا الاعتبار نعامله معاملة اللازم، وإن تعدى إلى الأول بنفسه، لكن لما احتاج إلى الثاني أن يتعدى إليه بحرف الجر عاملناه معاملة اللازم، ولذلك قوله: وَعَدِّ لاَزِمَاً؛ يشمل ما لا يتعدى أصلاً، مررت بزيد، أذهبت بزيد، ويشمل المفعول الثاني فيما يتعدى إلى مفعولين إذا كان يتعدى إليه بحرف الجر.