ويجوز: زيداً اضربه، والتقدير: اضرب زيداً اضربه، فهو مفعول به لفعل محذوف وجوباً يفسره المذكور، ولكن يترجح النصب هنا فراراً عن مخالفة القياس ومخالفة من خالف في المسألة، فالأرجح أن يقال: زيداً اضربه؛ لأنه لا إشكال، ليس عندنا إشكال لا من جهة المخالف من النحاة، ولا من جهة مخالفة القياس، أما إذا قيل: زيدٌ اضربه وقعنا في مشكلة، وهي أن بعضهم يمنع إيقاع الجملة الطلبية خبراً عن المبتدأ، هذا واحد.

ثانياً: الأصل والقياس أن تكون جملة الخبر جملة خبرية محتملة للصدق والكذب، فحينئذٍ وقوع الجملة الخبرية طلبية مخالف للقياس، فترجح النصب لهذه الحيثية.

وَاخْتِيرَ نَصْبٌ: أي اختير نصب إذا وقع اسم الاشتغال قَبْلَ فِعْلٍ ذِي طَلَبْ، والمراد بذي طلب يعني صاحب طلب، المراد به هنا: الأمر والنهي والدعاء. زيداً اضربه أمر، زيداً لا تضربه نهي، زيداً ليضربه عمرو أمر بواسطة، اضربه هذا أمر مباشرة، زيداً ليضربه عمرو، هذا أمر وكذلك بَعْدَ فِعْلٍ ذِي طَلَبْ، فحينئذٍ دل على الطلب بلام الأمر، فليس خاصاً باضربه.

زيداً ليضربه عمرو، زيداً لا تضربه، اللهم عبدك ارحمه، ارحمه دعاء، فعل دعاء، اللهم عبدك لا تؤاخذه، دعاء أيضاً، وزيداً غفر الله له، هذا خبر في معنى الطلب.

إذاً قوله: ذِي طَلَبْ: عام، بَعْدَ فِعْلٍ ذِي طَلَبْ عام يشمل ما كان طلباً بذاته بنفسه أو بواسطة، ويشمل ما كان بصيغته خبراً وفي المعنى طلب، مثل: زيداً غفر الله له، يعني: اغفر، اللهم اغفر لزيد هذا الأصل.

وهذا عام سواء كان الطلب طلب فعل أو طلب ترك، باللفظ والمعنى كان الطلب، أو بالمعنى فقط، هذا مثل زيداً غفر الله له، هذا طلب بالمعنى فقط دون اللفظ، فحينئذٍ يدخل فيه ما كان بصيغة الخبر، والمعنى المراد به الطلب.

وخرج ما صورته صورة الطلب ومعناه خبر. محمد أجمِل به، هذا صورته صورة الطلب لكنه معناه معنى الخبر، لأن أجمل وإن كان على صيغة فعل أمر إلا أنه فعل ماضي، فليس داخلاً في قوله: ذِي طَلَبْ، يستثنى منه التعجب إذا كان بصيغة أفعِل.

وَاخْتِيرَ نَصْبٌ قَبْلَ فِعْلٍ ذِي طَلَبْ

قَبْلَ: هذا متعلق باخْتِيرَ، اخْتِيرَ نَصْبٌ، يعني للاسم السابق.

قَبْلَ فِعْلٍ ذِي طَلَبْ

ذِي: بمعنى صاحب، صاحب طلب، فهو عام يشمل كل ما ذكرناه.

قال الشارح: إذا وقع بعد الاسم فعل دال على طلب، -يعني بالصيغة أو بالأداة- كالأمر والنهي والدعاء، وهذا المراد في هذا الباب بالطلب، زيداً اضربه وزيداً لا تضربه وزيداً رحمه الله، فيجوز رفع زيد ونصبه، والمختار النصب، لأننا لو رفعناه لجعلنا الجملة الطلبية خبراً عن المبتدأ، وهذا خلاف القياس، ثم خروجاً من الخلاف.

والمسألة الثانية مما يختار فيه النصب:

وَبَعْدَ مَا إِيلاَؤُهُ الْفِعْلَ غَلَبْ

يعني: إذا وقع الاسم بعد أداة يغلب دخولها على الفعل.

قلنا: الأدوات منها ما يختص إما بالفعل وإما بالاسم، عرفنا حكمهما، وإما أنه يجوز دخولهما على النوعين، إلا أنه يكثر ويغلب دخولها على الفعل دون الاسم أو العكس، ما كثر دخوله على الفعل حينئذٍ إذا جاء الاسم بعدها رجحنا النصب باعتبار أن الأكثر يتلوها فعل.

وَبَعْدَ: أي اختير نصب قبل وبعد، بَعْدَ هذا معطوف على قَبْلَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015