وَبَعْدَ مَا: مَا يعني أداة.
إِيلاَؤُهُ الْفِعْلَ غَلَبْ: إِيلاَءُ هذا مبتدأ، وغَلَبْ؟؟؟، إِيلاَءُ هذا يتعدى إلى مفعولين، أضيف هنا إلى مفعول من المفعولين، والْفِعْلَ مفعول ثاني أو أول؟ محيي الدين يراه مفعول ثاني، إِيلاَؤُهُ حينئذٍ يكون الضمير أضيف إلى المفعول الثاني، إِيلاَءُ مصدر أضيف إلى مفعوله الثاني، والْفِعْلَ مفعول أول، أو العكس: إِيلاَؤُهُ أضيف إلى المفعول الأول، والْفِعْلَ هذا مفعول ثاني، هذا جرى عليه محيي الدين، لكن الصواب العكس: إِيلاَؤُهُ الْفِعْلَ، الْفِعْلَ هذا مفعول أول، لأنه في المعنى فاعل، وسبق معنا في الباب السابق أن ما كان في معنى الفاعل وهو مفعول به هذا هو الذي يكون الأول ولا يكون الثاني، في باب أعطى وكسى وأعلم، أعلمتُ زيداً عمراً بكراً، نقول: الأول هو فاعل في المعنى، وهنا الذي يلي مَا إِيلاَؤُهُ غَلَبْ، ما الذي يكثر إيلاء الحرف منه؟ هو الفعل، فالفعل حينئذٍ يكون فاعلاً في المعنى.
بَعْدَ مَا إِيلاَؤُهُ الْفِعْلَ غَلَبْ: يعني غلب إيلاء الفعل له، فصار الفعل مفعول أول، لأنه فاعل في المعنى، هذا أولى، فيكون إِيلاَؤُهُ الضمير هذا هو المفعول الثاني والْفِعْلَ مفعول أول.
وَبَعْدَ مَا إِيلاَؤُهُ الْفِعْلَ غَلَبْ: أي بعد ما الغالب عليه أن يليه فعل، وهو أربعة أشياء، الذي يدخل على الاسم ويغلب دخوله على الفعل أربعة أشياء: همزة الاستفهام و (ما) و (لا) و (إن) النافيات، أربعة: (ما) النافية، و (إن) النافية و (لا) النافية وهمزة الاستفهام، ما زيداً لقيته، ما: نافية، زيداً زيدٌ يجوز الوجهان؛ لأن (ما) هذه ليست خاصة بالفعل أو خاصة بالاسم حتى يتعين الرفع أو النصب، فيجوز الوجهان لجواز دخوله على النوعين، لكن نرجح النصب، لأن أكثر دخول (ما) على الفعل، أكثر ما تدخل (ما) على الفعل، ومثلها الهمزة، لا زيداً ضربته ولا عمرو، لا زيداً ضربته، لا زيد لا زيداً، يجوز الوجهان، لكن يترجح النصب؛ لأن الفعل أكثر ما يكون بعد (لا)، إن زيداً ضربته، إن: هذه نافية، يعني: ما زيداً ضربته في قوة (ما).
زاد بعضهم: حيث المجرد من (ما) نحو: اجلس حيث زيداً ضربته، هذه (ما) إذا دخلت على حيث تعين أن تكون شرطية، وأما إذا لم تدخل لا. اجلس حيث زيداً ضربته، فكثر دخول حيث على الفعل.
إذاً: وَبَعْدَ مَا إِيلاَؤُهُ الْفِعْلَ غَلَبْ: يعني بعد ما الغالب عليه أن يليه فعل وهو أربعة كما ذكرناه.
وَبَعْدَ عَاطِفٍ بِلاَ فَصْلٍ عَلَى ... مَعْمُولِ فِعْلٍ مُسْتَقِرٍّ أَوَّلاَ
قال الشارح: وكذلك يُختار النصب إذا وقع الاسم بعد أداة يغلب أن يليها الفعل كهمزة الاستفهام: أزيداً ضربته؟ بالنصب والرفع، والمختار النصب، فإن فصلت الهمزة فالمختار الرفع: أأنت زيد ضربته؟ أأنت زيد تضربه؟ إلا في نحو: أكلَّ يوم زيداً تضربه، هنا فصل بين الهمزة والاسم، لكن بالظرف، قالوا: هذا مغتفر يتوسع فيه.
وأما: أأنت زيداً تضربه؟ أأنت زيدٌ تضربه؟ نقول: هنا الرفع أرجح.
وقال الأخفش: أخوات الهمزة كالهمزة، نحو: أيهم زيداً ضربه؟ إذاً سوى بين المسائل كلها، لم يجعل الحكم خاص بالهمزة، والصواب أن الهمزة هي التي يكثر دخولها على الفعل وما عداه على الأصل.