وكذلك يجب رفع الاسم السابق إذا ولي الفعلَ المشتغلَ بالضمير أداةٌ، لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، كأدوات الشرط، والاستفهام، و (ما) النافية، والتحضيض، والعرض، ولام الابتداء، وكم الخبرية، والحروف الناسخة، والأسماء الموصولة، والاسم الموصوف بالعامل المشغول، وبعض حروف النفي، وأسماء الأفعال، وفاء السببية، هذه لا يعمل ما بعدها فيما قبلها نحو: زيد إن لقيته فأكرمه، زيد هذا يمتنع أن يكون منصوباً، هناك: إن زيداً لقيته. انتبه. إن زيداً تقدم العامل على الاسم، هنا العكس تقدم الاسم على العامل: زيدٌ إن لقيته، لو حذف الضمير لقيتُ هل ينتصب زيد بـ لقيت؟ هل يصح أن نقول: زيداً إن لقيت فأكرمه؟ لا يصح، لأن (إن) من أدوات الشرط، وأدوات الشرط لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، لا يصح، وإذا كان كذلك لا يصح أن يفسر عاملاً قد عمل في الاسم المتقدم، فحينئذٍ يتعين أن يكون زيد مرفوعاً بالابتداء وما بعده الجملة في محل رفع خبر المبتدأ، ولا يجوز نصبه البتة، لأنه وقع بعده أداة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها.

ولا يجوز نصبه، يجب رفعه؛ لأن ما لا يصلح أن يعمل فيما قبله لا يصلح أن يفسر عاملاً فيما قبله، وإلى هذا أشار بقوله:

كَذَا إذَا الْفِعْلُ تَلاَ .. إلى آخره، أي: كذلك يجب رفع الاسم السابق إذا تلا الفعل شيئاً لا يرد ما قبله معمولاً لما بعده، ومن أجاز عمَل ما بعد هذه الأدوات في ما قبلها، فقال زيداً ما لقيت، أجاز النصب مع الضمير بعامل مقدر فيقول: زيداً ما لقيت لكنه مرجوح لما ذكرناه سابقاً.

إذاً: هاتان المسألتان تحت القسم الثاني: وهو ما يجب فيه رفع الاسم المتقدم، ونقول: الصواب إسقاطه من باب الاشتغال، لانتفاء شرط الاشتغال وهو أنه إذا أسقط الضمير تسلط العامل على الاسم المتقدم فنصبه، وهذا ممتنع هنا في هاتين المسألتين.

وَاخْتِيرَ نَصْبٌ قَبْلَ فِعْلٍ ذِي طَلَبْ ... وَبَعْدَ مَا إِيلاَؤُهُ الْفِعْلَ غَلَبْ

وَبَعْدَ عَاطِفٍ بِلاَ فَصْلٍ عَلَى ... مَعْمُولِ فِعْلٍ مُسْتَقِرٍّ أَوَّلاَ

هذا ما يجوز فيه الوجهان ويترجح النصب، لأنه قال: اخْتِيرَ، اختُورَ، اخْتِيرَ هذا فعل ماضي مغير الصيغة.

إذاً: نَصْبٌ: هذا نائب فاعل.

وَاخْتِيرَ نَصْبٌ قَبْلَ فِعْلٍ ذِي طَلَبْ: أي رجح النصب على الرفع في ثلاث مسائل سيذكرها الناظم رحمه الله تعالى.

أولاً: إذا تلا الاسم ما دل على الطلب. زيداً اضربه، قلنا أولاً: زيد ضربته، واضح أن ضربت هذا فعل وفاعل وليس بطلب، لكن لو كان طلباً أو ما يدل على الطلب وهو عام كما سيأتي حينئذٍ يترجح النصب.

فيجوز فيه الوجهان: زيداً اضربه، زيدٌ اضربه، إن رفعت فهو مبتدأ والجملة بعده خبر. وسبق معنا أنه يجوز إيقاع الجملة الطلبية خبراً عن المبتدأ في قول الجمهور، مع كون الأصل أن تكون الجملة خبرية وهي محتملة للصدق والكذب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015