إذاً: لو أُسقط الضمير لما تسلط على الاسم المتقدم، إذاً خرج من باب الاشتغال، وباب الاشتغال شرطه: أنه لو فُرِّغ العامل عن العمل في الضمير لنصب الاسم المتقدم مباشرة، وهنا لو فُرِّغ لا ينصبه، لأنه لو نصبه صار مفعولاً به متقدماً وحقه التأخير، كأنك قلت: فإذا يضرب عمرو زيداً، وهذا ممتنع ما خرجنا عن الأصل، لا بد أن يتلو إذا اسم -جملة اسمية-، وحينئذٍ لا بد من رفعه، ثم إذا ألغي الضمير لا بد من تقدير مفعول به غير الأول، إذاً خرجت عن باب الاشتغال وإنما تذكر هنا من باب تتميم القسمة فحسب.
فلا يجوز نصب زيد؛ لأن إذا الفجائية لا يليها فعل ولا معمول فعل، لأنه لو تلاها معمول فعل هو في قوة تقدم الفعل، بل هو الظاهر، وقيل: هذه المسألة من هذا الباب، ولذا عدها الناظم هنا؛ لأن العامل صالح للعمل في الاسم السابق لذاته، والمنع من عمله لعارض، نقول: لا، هذا فيه تكلف، والصواب أن المنع لذاته، لأننا نتكلم عن تركيب معين، لا نتكلم عن معنى ثم نوجد له تراكيب لا، التركيب موجود، نطقنا به: فإذا زيد، وحينئذٍ هل ينطبق عليه حد الاشتغال أو لا؟ نقول: لا ينطبق عليه، فلم يوجد أولاً حد الاشتغال ثم وجدت التراكيب، لا، العكس هو الصواب، التراكيب موجودة، ثم وجد حد الاشتغال فنطبق وننزل حد الاشتغال على التراكيب، وحينئذٍ نقول: التركيب سابق والحد لاحق، هذا هو الظاهر.
وَإِنْ تَلاَ: يعني تبع الاسم.
السَّابِقُ مَا: شيئاً أداة.
بِالِابْتدَا يَخْتَصُّ فالرَّفْعَ الْتَزِمْهُ أَبَدَا
كَذَا: أي مثل هذه المسألة في التزام الرفع.
إِذَا الْفِعْلُ تَلاَ مَا لَمْ يَرِدْ ... مَا قَبْلُ مَعْمُولاً لِمَا بَعْدُ وُجِدْ
كَذَا إِذَا الْفِعْلُ تَلاَ مَا لَمْ يَرِدْ: الْفِعْلُ ما إعرابه؟ الْفِعْلُ فاعل، ما دليله؟ إذا لا يليها إلا الفعل. إذاً: إذا تلا الفعل تلا، إذا تلا الفعل مَا: شيئاً، مَا لَمْ يَرِدْ مَا قَبْلُ مَعْمُولاً لِمَا بَعْدُ وُجِدْ: يعني: لا يعمل ما بعده فيما قبله، وحينئذٍ نقول: إذا وقع الاسم بعد أداة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها فحينئذٍ تعين رفع الأول، لماذا؟ لأن ما لا يعمل لا يفسر عاملاً، إذا لم يعمل فيه كيف نفسر العامل الذي يكون منصوباً، بماذا نفسره! فإذا تعذر العمل تعذر التفسير، فكلاهما مبني بعضه على بعض.
كَذَا إذَا الْفِعْلُ: يعني المشتغل عنه.
تَلاَ: تبع أداة.
لَمْ يَرِدْ مَا قَبْلُ: ما قبله يعني، مَا: فاعل، قَبْلُ، قبله مَعْمُولاً هذا حال من فاعل يَرِدْ.
لِمَا بَعْدُ وُجِدْ: لما وجد بعده، فما وجد بعد الأداة لا يكون عاملاً فيما قبله، فانتفى أن يكون الاسم المتقدم معمولاً لما بعد الأداة.
قال الشارح: أشار بهذين البيتين إلى القسم الثاني وهو ما يجب فيه الرفع، فيجب رفع الاسم المشتغل عنه إذا وقع بعد أداة تختص بالابتداء، كـ (إذا) التي للمفاجأة، خرجتُ فإذا زيدٌ يضربه عمرو برفع زيد، ولا يجوز نصبه؛ لأن (إذا) هذه لا يقع بعدها الفعل لا ظاهراً ولا مقدراً.