إذاً: إنْ مُنْفِسٌ, نقول: روي بالنصب إِنْ مُنفِسَاً, وهو رواية سيبوية وجمهور البصريين, ومنع البصريون صحة رواية الرفع, فإن صحت فهو فاعل لفعل محذوف تقديره: إن هلك منفس, وتقدير ابن عقيل فيه نظر؛ لأنه قال: فلا يمتنع عنده الرفع على الابتداء كقول الشاعر تقديره: إن هلك منفس, كيف ابتداء هذا؟ لعله في سقط أو شيء, أجاب البصريون أو كذا, أما بهذا التركيب خلل, يقول: وأجاز بعضهم وقوع الاسم بعدها فلا يمتنع عنده الرفع على الابتداء كقول الشاعر: لا تجزعي إن منفس.

إذاً: منفس هذا مبتدأ لا نحتاج إلى تقدير, تقديره: إن هلك منفس, لعله في سقط, في سقط قطعاً, لأنه ليس فيه تقدير إذا كان مبتدأ صار منفس مبتدأ, وأهلكته جملة خبر, ليس عندنا تقدير, لكن هذا على مذهب البصريين, لعله سبق معهم قلم, إن لم يكن ثم سقط.

وَإِنْ تَلاَ السَّابِقُ مَا بِالإِبْتدَا ... يَخْتَصُّ فَالرَّفْعَ الْتَزِمْهُ أَبَدَا

هذه وجوب الرفع, وذكرها بعد وجوب النصب للاشتراك في مطلق الوجوب, وإن كان الأصل في هذه كما صححه ابن هشام وغيره أنها ليست من باب الاشتغال, وإنما تذكر من باب تتميم القسمة فحسب, وإلا أبوابه أو مسائله أربعة لا خمسة, وإذا أسقطنا وجوب النصب كما قال بعضهم صار ثلاثة, وهي ما ترجح فيه النصب وما ترجح فيه الرفع مع جواز النصب, وما جاز فيه الوجهان على السواء, هذا قطعاً باب الاشتغال, وأما ما تعين رفعه قطعاً ليس من باب الاشتغال, والنصب إذا تعين هذا في النفس منه شيء, هل هو من باب الاشتغال أو لا! بعضهم أخرجه, لأنه لابد أن يجوز فيه الوجهان وإلا خرج.

وَإِنْ تَلاَ السَّابِقُ مَا بِالإِبْتدَا ... يَخْتَصُّ فَالرَّفْعَ ............... !!

إِنْ تَلاَ السَّابِقُ يعني: الاسم السابق عكس المسألة السابقة, إِنْ تَلاَ السَّابِقُ عندنا بعض الأدوات يختص بالفعل, وبعض الأدوات والحروف, -وأقول: أدوات ليشمل الاسم والحرف-, بعض الأدوات يختص بالاسم لا يدخل على الفعل، كما أن الأول يختص بالفعل فلا يدخل على الاسم.

وبعضها يدخل عليهما، على الفعل وعلى الاسم, وهذا نوعان: ما يدخل على الفعل والاسم والأكثر دخوله على الفعل, ما يدخل على الفعل والاسم والأكثر دخوله على الاسم, ما غلب دخوله على الفعل مع جواز دخوله على الاسم, ما غلب دخوله على الاسم مع جواز دخوله على الفعل, ما اختص بالفعل وجب نصب الاسم بعده, ما اختص بالاسم وجب رفع الاسم بعده؛ لأنه لا يتلوه فعل فكيف نقدر الفعل بعده! هذا متعذر, كما أن هناك في (إذا) و (إن) لا يجوز أن يرفع بالابتداء؛ لأن هذه لا يتلوها إلا فعل, فكيف يتلوها الاسم! هذا باطل, كذلك هنا عكس هذه الأدوات تختص بالمبتدأ لا تدخل على غير المبتدأ, فحينئذٍ إذا رفعناه كنا على الأصل, فإذا نصبناه حينئذٍ أخرجناها عن الأصل الذي وضعت له في لسان العرب, وهذا ممتنع, فتعين رفعها.

وَإِنْ تَلاَ: يعني تبع، السَّابِقُ: السَّابِقُ هذا صفة لموصوف محذوف في المعنى لكن هنا إعرابه فاعل, مَا: مفعول به، يَخْتَصُّ بِالإِبْتدَا: لا محل لها من الأعراب, بِالإِبْتدَا هذا جار ومجرور متعلق بـ: يَخْتَصُّ, وجملة يختص بالابتداء هذه صلة الموصول لا محل لها من الأعراب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015