وَبِاتِّفَاقٍ: نقول: هذا متعلق بقوله: يَنُوبُ، قَدْ يَنُوبُ ِباتِّفَاقٍ، الثَّانِ: هذا فاعل، مِنْ بَابِ كَسَا، هذا حال من الفاعل من الثَّانِ، فِيمَا الْتِباسُهُ أُمِن، يعني: في الذي الْتِباسُهُ: مبتدأ، أُمِن: خبر المبتدأ والجملة لا محل لها صلة الموصول، يعني: في تركيب أمن فيه التباس، فإذا وجد لبس وجب إقامة الأول، هذا مفهوم ما ذكرناه.

وَبِاتِّفَاقٍ قَدْ يَنُوبُ الثَّانِ مِنْ ... ... بَابِ كَسَا: يعني: أن النحاة اتفقوا على جواز نيابة المفعول الثاني من باب كسا، وذلك مع أمن اللبس، هذا مراده بالبيت؛ أن النحاة اتفقوا على جواز نيابة المفعول الثاني من باب كسا، فتقول: كسوت زيداً جبة، كُسي زيداً جبةٌ، جبةٌ هو المفعول الثاني، يجوز؟ قالوا: يجوز باتفاق، كُسي زيدٌ جبةً هذا إنابة الأول، محل وفاق هذا، كسي زيداً جبةٌ، هل فيه لبس؟ ليس فيه لبس، أعطي زيدٌ درهماً إنابة الأول، أعطي زيداً درهمٌ إنابة الثاني، فيه لبس؟ أعطي زيدٌ عمراً، أعطي زيداً عمروٌ، فيه لبس عمرو وزيد من الآخذ ومن المأخوذ، إذا قلت: أعطي زيدٌ عمراً، فزيد الآخذ، وعمراً مأخوذ، إذا عكست قلت: يجوز، قلت: أعطي زيداً عمروٌ صار عمرو هو الآخذ وزيداً هو المأخوذ التبس المعنى، حينئذٍ في مثل هذا التركيب: أعطي زيداً عمروٌ لا يجوز إقامة الثاني، بل يتعين إقامة الأول، لوجود اللبس، فيقال: أعطي زيدٌ عمراً واجب هذا، ولا يجوز أن يقال: أعطي زيداً عمروٌ، وأما أعطي زيدٌ درهماً والعكس نقول: هذا صحيح وجائز، لأمن اللبس، هذا ما أراده الناظم.

يعني: أن النحاة اتفقوا على جواز نيابة المفعول الثاني من باب كسا، وذلك مع أمن اللبس، وفهم من سكوته عن الأول -ما تكلم عن الأول- وفهم من سكوته عن الأول أنه يجوز نيابته باتفاق لدخوله في عبارته السابقة: (يَنُوبُ مَفْعُولٌ بِهِ عَنْ فَاعِلِ)، حينئذٍ ترجع تقول: يَنُوبُ مَفْعُولٌ بِهِ هذا إذا كان له مفعول واحد، والمفعول الأول من باب كسا، وهذا محل وفاق.

والثاني على رأي الناظم هنا فيما إذا أمن التباسه.

وفهم من سكوته عن الأول أنه يجوز نيابته باتفاق لدخوله في عبارته السابقة: يَنُوبُ مَفْعُولٌ بِهِ عَنْ فَاعِلِ.

إذاً: الحاصل نقول: إذا تعدى الفعل لأكثر من مفعولين، فنيابة الأول جائزة باتفاق، ونيابة الثالث قيل ممتنعة باتفاق والصواب أن فيها خلافاً، الثالث، هذا سيأتي إن شاء الله، ممتنعة باتفاق، والصواب: أن بعضهم أجاز نيابة الثالث إن لم يلبس سيأتي تفصيله، وفي باب كسا إن ألبس إقامة الثاني امتنع اتفاقاً، الثاني إن ألبس نيابته امتنع، مثل: أعطي زيدٌ عمراً، هذا واجب النصب، أعطي زيداً عمروٌ هذا باتفاق لا يجوز لوجود اللبس، لا تدري من الآخذ ومن المأخوذ التبست الأمور، وإن لم يلبس، الناظم حكى الاتفاق على الجواز، إن لم يلبس أمن اللبس، ابن مالك نقل الإجماع الاتفاق، وإن كان بعضهم يفصل بين الاتفاق والإجماع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015