وَبِاتِّفَاقٍ: الآن انتقل إلى المفعول الثاني والثالث مما يتعدى، سبق أننا أشرنا في قوله: يَنُوبُ مَفْعُولٌ بِهِ عَنْ فَاعِلِ، قلنا: هذا مفعول واحد، وقد يكون ثم تفصيل يأتي في محله فيما إذا كان مفعولاً ثانياً أو ثالثاً إلى آخره.
هنا شرع فيه، ما يتعدى إلى مفعولين، ذكرنا فيما سبق أنه على نوعين، منه ما ينصب المبتدأ والخبر، وهو باب ظن وأخواتها، ومنه ما لا ينصب المبتدأ والخبر، يعني: ما ليس أصل المفعولين المبتدأ الخبر، وهو باب كسا وأعطى، هذا هو المقصود، بقي نوع واحد مما يتعدى إلى مفعولين، لكنه ليس تعدياً أصلياً، وإنما هو بإسقاط حرف الجر، اخترت الرجال محمداً، هذا تعدى إلى واحدٍ بنفسه محمداً، والرجال بنزع الخافض، أصلها: اخترت من الرجال محمداً، هذا يتعدى إلى مفعولين اختار، حينئذٍ نقول: هذا لم يتعد بنفسه أصالة، وإنما جعل باعتبار النهاية، أي: أنه بعد ما أسقط، -وبعضهم يحمل قوله تعالى: ((وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ)) [الأعراف:155]، يعني: من قومه: ((وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ)) قَوْمَهُ مفعول به، ((وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا)) يعني: من قومه، قَوْمَ هذا مفعول به، لكن ليس مفعول أصالة، وإنما هو بنزع الخافض، ونزع الخافض هذا سيأتينا بحثه إن شاء الله هناك.
وَبِاتِّفَاقٍ قَدْ يَنُوبُ الثَّانِ مِنْ ... بَابِ كَسَا فِيمَا الْتِبَاسُهُ أُمِنْ
هذا أراد فيه ما تعدى إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، إذا أردنا أن ننيب، هل ننيب الأول أو ننيب الثاني، أو هما معاً، أو لا هذا ولا ذاك؟ يحتمل أربعة أوجه، لا هذا ولا ذاك هذا بعيد فاسد، هما معاً، هذا سيأتي أنه:
وَمَا سِوَى النَّائِبِ ممَّا عُلِّقَا ... أن الفاعل لا يتعدد، كذلك ما ناب عنه، فلا يتعدد نائب الفاعل، فلا يمكن أن يناب المفعولان، بقي الاثنان، الأول: باتفاق أنه يجوز في باب كسا، والثاني: هو الذي محل خلاف.
وَبِاتِّفَاقٍ قَدْ يَنُوبُ الثَّانِ مِنْ ... بَابِ كَسَا فِيمَا الْتِبَاسُهُ أُمِنْ
مِنْ بَابِ كَسَا، وهو كل فعل نصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، ولم ينصب أحدهما بإسقاط الجر، وهذا ذكرناه في اخترت.
فبالأول خرج باب ظن، ليس أصلهما المبتدأ والخبر، وبالثاني: خرج نحو: اخترت الرجال زيداً، إذاً باب كسا وأعطى، كل فعل ينصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ويتعدى إليهما بنفسه لا بواسطة حرف جر ثم يسقط.
وَبِاتِّفَاقٍ قَدْ يَنُوبُ: المصنف هنا نقل الاتفاق وقيل هذا الاتفاق مخروق، نقل الإجماع دائماً هذا عسير.
قال: وَبِاتِّفَاقٍ قَدْ يَنُوبُ الثَّانِ مِنْ ... ... بَابِ كَسَا: يعني: الثاني يجوز إنابته عن الفاعل إذا حذف، ويبقى الأول على نصبه، متى؟ قال: فِيمَا الْتِباسُهُ أُمِن: مفهومه: إذا لم يؤمن الالتباس لا يجوز أن يناب الثاني مناب الفاعل.
وَبِاتِّفَاقٍ قَدْ يَنُوبُ الثَّانِ: قد ينوب المفعول الثاني، الثَّانِ ما إعرابه؟
فاعل مرفوع ورفعه ضمة المقدرة على الياء محذوفة، هذا تخفيف-الثَّانِ-، على الياء المحذوفة.