وقيل: المجرور، قيل: إذا وجد المصدر والمجرور والظرف فالأولى أن نقدم المجرور، لماذا؟ قال: لأنه مفعول به بواسطة الجار، -نظروا إلى المعنى،- قيل: المجرور؛ لأنه مفعول به بواسطة الجر، وقيل: ظرف المكان، إذا وجد ظرف المكان فهو أولى، لكونه أشبه بالمفعول به منهما، أقرب الأشياء الموجودة بالمفعول هو ظرف المكان لاشتراكهما في أن الفعل يدل عليهما بدلالة التزام، وهذا سبق معنا: أن ضربتُ زيداً، ضربتُ هذا يدل بدلالة التزام على مفعول؛ لأن الضرب حدث، حينئذٍ سبق معنا: أن دلالة الفعل على الفاعل التزامية، على المفعول من بابٍ أولى، إذا دل الفعل على الفاعل بدلالة التزام، على المفعول أولى؛ لأن الذي يحدث الحدث هذا مقدم على محله، فحينئذٍ نقول: محل الحدث هو المفعول به، إذاً: دل ضرب على المفعول به دلالة التزام، هذا الضرب أين يوجد؟ لابد له من ظرف زماني وظرف مكاني، ظرف الزمان دل عليه بالصيغة: فعل قام الزمن الماضي، يقوم مضارع -حال يعني-، قم هذا في المستقبل.

إذاً: دل بهيئته بصيغته على الزمن، فهي دلالة وضعية، دلالته على المكان لابد من مكان، أين يوجد الظرف في الهواء؟! لابد من مكان يقع عليه الظرف، حينئذٍ نقول: دلالته على المكان دلالة التزامية، انظر الظرف نوعان: مكاني وزماني، الفعل يدل على الزمان بالوضع بالصيغة، كونه على وزن كذا، فَعَل وفَعُل .. كل الذي يدرس في الصرف دلالة زمانية، أما الدلالة المكانية خارجة عن اللفظ، حينئذٍ دل الفعل على المفعول به بدلالة التزام، ودل على ظرف المكان بدلالة التزام، إذاً: اشتبها، كل منهما أشبه الآخر، وهذا التعليل فيه نظر.

لأن الفعل يدل على المفعول، والظرف المكاني بالالتزام، والصواب: أنه ما كان المعنى أتم به كان مقدماً، يعني: ينظر إلى المعنى؛ لأنه ليس ثم مرجح بين هذه الأمور، وكل الأقوال التي ذُكرت نعم في نفسها، نقول: تعليلات صحيحة، لكنها لا تقتضي أن يكون دائماً في كل تركيب أن يقدم المصدر؛ لأنه أحد مدلولي العامل، ولا أن يقدم الجار والمجرور لأنه مفعول به في المعنى، لا، نقول: ننظر إلى المعنى، إن استقام المعنى أكثر كان له مكانة بجعل الظرف نائب فاعل فهو مقدم، أو جار ومجرور فهو مقدم، أو مصدر فهو مقدم، دون أن نجعل قاعدة مطردة.

وَلاَ يَنُوبُ بَعْضُ هذِي إِنْ وُجِدْ ... ... فِي اللَّفْظِ مَفْعُولٌ بِهِ -بل يتعين إنابته- وَقَدْ يَرِدُ قال الشراح: ضرورة أو شذوذاً، يعني: لابد من تأويله كما نص الشارح، لابد أن يؤول، مع كونه جاء في قراءة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015