وَلاَ يَنُوبُ بَعْضُ هذِي إِنْ وُجِدْ: بعض هذا الظروف والمصادر والمجرورات، إِنْ وُجِدْ فِي اللَّفْظِ مَفْعُولٌ بِهِ: فِي اللَّفْظِ، لماذا عين في اللفظ؟ لما ذكرناه، قد يكون ثم مفعول به في المعنى، لكن لا نلتفت إليه، لماذا؟ لأننا إذا قيل مثلاً-كالمثال السابق الذي ذكره-: سير يوم الجمعة بزيدٍ، مثلاً، إذا قيل: يوم الجمعة هذا ظرف، وبزيدٍ، إذا نظرنا في الجملة من حيث المعنى قلنا: لا يجوز أن يقام يوم الجمعة مقام الفاعل، لأنه وجد مفعول به في المعنى وهو زيد، كما ذكرناه سابقاً، مررت زيداً، هذا الأصل، فزيد مفعول به في المعنى نعم، لكن ليس هذا المراد، المراد مفعول به في اللفظ، يعني: تعربه هذا مفعول به، وأما المعاني لا، لا التفات لها، وإلا لو كان الأمر كذلك لقيل: سير يوم الجمعة بزيد، بزيد هو نائب الفاعل، ولا يجوز أن يكون يوم الجمعة هو نائب فاعل؛ لأن زيد مفعول به في المعنى ليس هذا المراد لا، العبرة باللفظ هنا:
وَلاَ يَنُوبُ بَعْضُ هذِي إِنْ وُجِدْ ... فِي اللَّفْظِ: احتراز عما لو وجد في المعنى، بأن كان الفعل يطلب المفعول به، لكن لم يذكر في اللفظ فلا يمتنع إنابة غيره، كذلك إذا حذف -هذا الذي أشار إليه-، إذا حذف حينئذٍ نقول: العبرة بالملفوظ.
في اللفظ وَقَدْ يَرِدُ: قد للتقليل، وقد يرد إنابة واحد من هذه الأشياء الثلاثة: الظروف والمصادر، والجار والمجرور مع وجود المفعول به وهو مذهب الكوفيين، لكنهم محجوجين كما سيأتي.
وَلاَ يَنُوبُ بَعْضُ هذِي إِنْ وُجِدْ ... ... ... فِي اللَّفْظِ: إذا فقد المفعول به، لم يوجد في الكلام، جاز نيابة كل واحد من المصدر أو المجرور أو الظرف، أنت مخير، وهذا ظاهر كلام الناظم؛ لأنه لم يفضل بعضها على بعض، ولم يقدم بعضها على بعض، بل سوى بينها في الحكم:
وَقَابِلٌ مِنْ ظَرْفٍ أَوْ مِنْ مَصْدَرِ ... أَوْ حَرْفِ جَرٍّ بِنِيَابَةٍ حَرِي
–حكى-.
ثم قال:
وَلاَ يَنُوبُ بَعْضُ هذِي إِنْ وُجِدْ ... فِي اللَّفْظِ مَفْعُولٌ بِهِ: حينئذٍ دل على أنه إذا لم يوجد في اللفظ مفعول به ناب أي واحد من هذه الثلاثة.
فقيل: لا أولوية لواحد منها، يعني: لا نفضل بعضها على بعض، وإنما هي سواء. وقيل: المصدر أولى، إذا وجد في الكلام غير المفعول به -ظرف ومصدر وجار ومجرور-، أيها أولى؟ قالوا: المصدر أولى، لماذا؟ لأنه أشرف جزئي مدلول العامل، مدلول العامل ما هو؟ الزمان والحدث، والحدث هو المصدر، حينئذٍ صار المصدر أقرب إلى العامل؛ لأنه أحد جزئي مدلول العامل؛ لأن العامل يدل على شيئين مركب من حدثٍ، وهو مدلول المصدر وزمن.
إذاً: إذا وجد مصدر وظرف وجار ومجرور الأولى أن يجعل المصدر، لأنه أحد جزئي مدلول العامل.