ولا دل على تعليل كاللام والباء، اللام والباء قد تأتي للتعليل؛ لأنه مبني على سؤال مقدر، ولذلك امتنع أن ينوب المفعول لأجله، وكذلك الحال والتمييز عن نائب الفاعل؛ لأن هذه إنما تقع في جواب سؤال مقدر، وإذا وقعت في جواب سؤال مقدر، حينئذٍ صار في قوة الجملة المنفصلة، وإذا كان كذلك حينئذٍ لم يكن متصلاً بالجملة التي يكون فيها الفاعل محذوفاً فينوب عنه، فهو في قوة جملة منفصلة، يعني: كأنك إذا أنبت الحال أو المفعول لأجله كأنك أتيت بهذا اللفظ من جملة منفكة عن الجملة التي حذف فيها الفاعل، لماذا؟ لأنه في الغالب -وهذا ضابط له-، أنه يكون جواباً لسؤال مقدر: جاء زيد راكباً، جاء زيدٌ كيف؟ راكباً، وما وقع في جواب سؤال الأصل فيه أنه في جملة منفصلة، فلذلك امتنع.

ولا دل على تعليل كاللام والباء؛ لأنه مبني على سؤال مقدر فكأنه من جملة أخرى، وبهذا يعلل منع نيابة المفعول لأجله والحال والتمييز، فيبقى على أصله.

إذاً: أَوْ حَرْفِ جَرٍّ، القابل منه ما لا يختص بحالة واحدة، لا يلزم طريقة واحدة، مثل رب أو القسم ونحو ذلك.

أَوْ حَرْفِ جَرٍّ بِنَيِابَةٍ حَرِى: قلنا: مذهب البصريين أن نائب الفاعل هو المجرور فقط، ولذلك حاول الشراح أن يجعلوا كلام الناظم موافقاً لمذهب البصريين، ولو ترك على ظاهره قد يقال بأنه موافق لمذهب الفراء، وهو أنه حرف الجر، وهو من أغربها، غريب جداً أن يقال بأن حرف الجر وحده هو النائب، لماذا؟ لأن نائب الفاعل أنيب مناب الفاعل، والحرف ليس فيه معنى في نفسه، فكيف يقال: بأن الباء هي نائب الفاعل هذا غريب! فالحرف عندهم يكاد يكون متفق عليه أنه لا يدل على معنى في نفسه، وإذا كان الأمر كذلك، حينئذٍ لا يمكن أن ينوب عن الفاعل، حينئذٍ المحتمل من القولين: إما أن يقال: بأنه الجار والمجرور -وهذا أولى-؛ لأنهما كالجزء الواحد كالكلمة الواحدة، وإما أن يقال بمذهب البصريين وهو المجرور فقط.

إذاً: أَوْ حَرْفِ جَرٍّ: نقول: تقدير مجرور حرف جر، إما ليكون موافقاً لمذهب البصريين، وإما أن يكون موافقاً للمذهب الذي اختاره الناظم في غير هذا الكتاب، وهو أن الجار والمجرور معاً هما نائب الفاعل، وهذا أولى، أولى بالتقعيد والتفصيل.

إذاً: نقول –كقاعدة-: المجرور بحرف جر زائد لا خلاف بين النحاة في إنابته، لا خلاف أنه ينوب عن الفاعل إذا جر بحرف جر زائد، مثل ماذا؟ ما ضرب من أحدٍ، نقول: من هذه زائدة، مثل: ((هَلْ مِنْ خَالِقٍ)) [فاطر:3]، و ((مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ)) [المائدة:19]، مثلها، حينئذٍ نقول: ما ضرب، وهذا مغير الصيغة، مِنْ حرف جر زائد، هكذا نقول في إعرابه، أحدٌ نائب فاعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015