النوع الثاني: الذي هو المتصرف هو ما يقبل تأثير العوامل فيه، فتارة يرفع على أنه مبتدأ ويأتي فاعل ويأتي خبر، ويأتي اسم إن، ويأتي خبر إن، مثل كلمة: يوم، وحين، وساعة، ووقت، وزمن، ودهر، وبرهة، هذه أسماء زمان –ظروف-، وكذلك من جهة الأماكن نقول: الشام، ومسجد، وأرض، نقول: هذه كلها قابلة لأن تكون تارة مبتدأً وتارة خبراً، وتارة اسم إن، وخبر إن واسم كان وخبر كان، هذا يوم مبارك، إن يومنا يوم مبارك، وقع اسم إن ونحوها، نقول: هذا التقلب لتأثير العوامل، وتغيراتها، نقول: هذا هو المتصرف في الظروف، حينئذٍ ما لم يكن متصرفاً لا يصلح أن يكون نائباً عن الفاعل، فالمتصرف كدهر وزمن وساعة وبرهة ووقت .. نقول: هذا يصلح أن يكون نائباً عن الفاعل، وأما ما لزم النصب على الظرفية، نقول: هذا يمتنع وقوعه نائب فاعل.
المختص وغير المختص؛ لأنه قال: هو المتصرف المختص، عرفنا المتصرف من الظروف. المختص من الظروف هو المعين، وهذا إما أن يكون بعلمية أو بإضافة أو بـ (أل) أو وصف، أو نحو ذلك كما سيأتي في محله.
حينئذٍ إذا قيل: صِيم رمضانُ، نقول: رمضان هذا ظرف زمان، وهو مختص، حينئذٍ نقول: اختصاصه حصل بالعلمية؛ لأنه اسم مسماه الشهر المعلوم، كذلك: صِيم يوم الاثنين مثلا، نقول: يوم هذا مضاف حصل الاختصاص له بالإضافة.
أو تقول صيم هذا اليوم، اليوم هذا بدل مما سبق، وحينئذٍ صارت (أل) عهدية، وكذلك الوصف: صيم يوم شديد، أو يوم مبارك، نقول: حصل له اختصاص، ما لم يكن كذلك حينئذٍ لا يصلح أن يكون نائباً عن الفاعل، فلا يقال: صيم زمن، ولا صيم دهر، نقول: هذا لا يصلح لماذا؟ لكونه غير مفيد، فلابد أن يكون مختصاً، ولابد أن يكون متصرفاً، وأما المتصرف من المصادر، فالمراد به كذلك ما يلزم النصب على المصدرية، مثل: معاذ الله، وسبحان الله، نقول: هذه كلمات مما تلزم النصب على المصدرية، وحينئذٍ لا يصح رفعها؛ لأن العرب التزمت نصبها على المصدرية، هذا غير المتصرف: سبحان الله ومعاذ الله، وأما المتصرف فهذا شأنه شأن الظرف، مثل: ضَرْب وقتْل، نقول: هذا مصدر (ضرب، قتل، خروج، جلوس)، نقول: هذا غير لازم لحالة واحدة، تارة يأتي فاعل، وتارة يأتي مفعول به .. إلى آخره، حينئذٍ نقول: هذا يقبل العوامل وتأثير العوامل، فإن دخل عليه عامل يقتضي رفْعَه رفَعَه، وإن دخل عليه عامل يقتضي نصْبَه نصَبه .. وهَلُمَّ جَرّاً، نقول: هذا متصرف.
وأما المختص من المصادر، فالمراد به ما دل على عدد ونحو ذلك، المختص من المصادر ما كان دالاً على العدد أو على النوع، ضُرِب ضربتان، أو ضُرِبَ ضربٌ شديدٌ، ضربتان نقول: هذا مختص، لأنه دال على اثنين، على ضربتين، فهو مختص بالعدد، كذلك النوع: ضُرِبَ ضربٌ شديد، هذا نوع، أو ضُرِب الضَّربُ، هذا بـ (أل) العهدية.
إذاً: قَابِلٌ مِنْ ظَرْفٍ أَوْ مِنْ مَصْدَرِ: نقول: القابل للنيابة من الظروف والمصادر هو المتصرف المختص، والمتصرف من الظروف ما يفارق النصب على الظريفة والجر بـ (مِنْ)، فهما قسمان لا ثلاثة، متصرف وغير متصرف، والذي يتصرف فقط بالجر إلى الجر بـ (من) نقول: هذا غير متصرف، ولو كانت (عند) أو (ثَمَّ).