بِنَيِابَةٍ حَرِي: بِنِيَابَةٍ جار ومجرور متعلق بقوله: حَرِي، وحَرِي بمعنى حقيق أو جدير، وحَرِي هذا خبر المبتدأ.

وَقَابِلٌ مما ذكر حَرِيٌّ بِنِيَابَةٍ عن الفاعل، بعد تغير الصيغة.

قوله: وَقَابِلٌ فيه إشارة إلى أن ما ذكره من هذه الأشياء الثلاثة، منها ما هو قابل، ومنها ما ليس بقابل، وهو الأمر وهو كذلك، يعني: ليس كل مصدر، وليس كل حرف جر، وليس كل ظرف ينوب عن أن الفاعل، بل منه ما هو صالح للنيابة، ومنه ما ليس بصالح للنايبة.

إذاً: قَابِلٌ نقول: هذا له مفهوم؛ لأنه صفة، قابل من ظرف غير القابل لا ينوب، قابل من مصدر، غير القابل لا ينوب، قابل من حرف جر، غير القابل لا ينوب، حينئذٍ ما الذي يقبل ويصلح أن يكون نائباً عن الفاعل، وما الذي لا يصلح؟

القول هنا كالقول في النكرة إذا أريد أن يبتدأ بها، فما أفاد جاز الابتداء بِهِ وَلاَ يَجُوزُ الاِبْتِدَا بِالنَّكِرَهْ مَا لَمْ تُفِدْ، فإن حصلت الفائدة بأي وجه من الوجوه، نقول: حصل أو صح الابتداء بالنكرة، وهنا: ما كان مبهماً من الظروف أو من المصادر، أو من المجرورات، حينئذٍ نقول: هذا لا يفيد فائدة، وإذا انتفت الفائدة حينئذٍ لا يصلح أن يكون نائباً عن الفاعل، وإذا حصلت الفائدة حينئذٍ نقول: قد وجدت الفائدة، فمتى يكون الظرف مفيداً، ومتى يكون المصدر مفيداً؟ نقول: القابل للنيابة من الظروف والمصادر هو المتصرف المختص؛ لأن الظرف ينقسم كما سيأتي:

وَمَا يُرَى ظَرْفَاً وَغَيْرَ ظَرْفِ ... فَذَاكَ ذُو تَصَرُّفٍ فِي الْعُرْفِ

وَغَيْرُ ذِي التَّصَرُّفِ الَّذِي لَزِمْ ... ظَرْفِيَّةً أَوْ شِبْهَهَا مِنَ الْكَلِمِ

الظرف ينقسم إلى متصرف وغير متصرف، والمقصود به هنا بالتصرف، ليس هو التصرف في نوعي الفعل، هناك تصرف ما يأتي منه الماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل وغيره، وأما هنا فالمراد بالمتصرف وغير المتصرف، هو أن النظر في الظرف الأصل فيه أنه ملازم للنصب على الظرفية، فما لزم النصب على الظرفية، حينئذٍ نقول: هذا غير متصرف؛ لأنه لا يجوز أن يخرج إلى الرفع، حينئذٍ التزمت العرب نصبه، وما كان كذلك حينئذٍ لا يجوز رفعه، لا يجوز أن يكون نائباً عن الفاعل فيكون له حكم الرفع، هذا الذي يلزم النصب على الظرفية، مثل: (عند) وعِندَ فِيهَا النَّصبُ يَستَمِرُّ.

و (عِندَ) تمتاز من جهة إمكان إخراجها عن النصب على الظرفية إلى حالة واحدة، وهي الجر بـ (من)، فإذا كان كذلك حينئذٍ لا يسلب عنها وصف عدم التصرف، بل هي غير متصرفة، فيشمل غير المتصرف نوعين: متصرف محض لا يمكن أن يخرج عن النصب على الظرفية، وهذا مثل: عوْضُ، وقطُّ، وإذا .. ونحوها، ومتصرف قد يخرج عن النصب على الظرفية، لكن إلى حالة واحدة، وهي الجر بـ (من) مثل: عند

وعِندَ فِيهَا النَّصبُ يَستَمِرُّ ... ... لكِنَّهَا بِمِنْ فَقَطْ تُجَرُّ

هذا سماه ابن مالك شبه المتصرف، وهو داخل فيه، حينئذٍ عند ومثلها: (ثَمَّ)، نقول: هذه غير متصرفة، وإن خرجت عن النصب على الظرفية إلى الجر بـ (من)، لكن نقول: هذا لا يسلب عنها الوصف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015