وَاكْسِرْ كسراً خالصاً فَا ثُلاَثِيٍّ، هذا شمل مفتوح العين نحو: باع ومكسور العين نحو خاف؛ لأنه أطلق: فَا ثُلاَثِيٍّ، والثلاثي قد يكون من باب فعَل أو فعِل أو فعُل، وهنا عام الحكم في باب فعَل وفعِل.
فَا ثُلاَثِيٍّ أُعِلّ: (أُعِلّ) صفة لثلاثي، عَيْناً هذا تمييز، واوياً كان الثلاثي أو يائياً، واوياً مثل قال، ويائياً مثل باع وغِيض.
وَضَمٌّ جَا: وَضَمٌّ هذا مبتدأ، وإن كان نكرة سوغ الابتداء به كونه في معرض التفصيل، وَضَمٌّ للفاء -فاء الثلاثي المعل العين-، جَا بدون همز، لغة جا يجي، جاء هذا لغة فصيحة، وجَا بالقصر لغة أيضاً، لا نقول ضرورة، جَا يجي.
جَا كَبُوعَ: جا في بعض اللغات كبوع، مثل بوع.
فَاحْتُمِلْ: يعني قبل واغتفر.
وفيه إشارة إلى ضعف هذه اللغة بالنسبة للغتين الأوليين؛ لأن الكسر والإشمام لغتان فصيحتان وقرئ بهما في المتواتر، وأما الإشمام هنا فالمراد به عند النحاة الإتيان على الفاء بحركة بين الضم والكسر، بأن يؤتى بجزء من الضمة قليل سابق وجزء من الكسرة كثير لاحق، ومن ثم تمحضت الياء، يعني لم تقلب، لو قيل: قُيِلَ يعني صحت الياء، لو كانت الضمة هذه خالصة لوجب قلب الياء واواً كما قلبت هناك بالضمة الخاصة قلبت الواو ياءً.
تمحضت الياء وقيل: كسرة مشوبة بشيء من صوت الضمة، وَاكْسِرْ إذاً: إخلاص الكسر، فيقال: قِيل وبِيع، ومنه قوله:
حِيكَت عَلَى نِيرَين إِذ تُحَاكُ ... تَختَبِطُ الشَّوكَ ولاَ تُشَاكُ
هذا حِيكت، وورد أيضاً في وراية حِوْكَت باللغتين: حيكت، حِوْكَت أصلها حُوِكَت، استثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى ما قبلها بعد إسقاط حركة الحاء، وصار حِوْ سكنت الواو وانكسر ما قبلها فوجب قلبها ياءً فقيل: حيكت، إذاً الياء هذه منقلبة عن واو، وليست ياءً أصلية بذاتها وإنما منقلبة عن أصلها، وحِوْكَت على الرواية الثانية أصلها حُوِكَت، فعل مثل ضرب، استثقلت الكسرة على الواو فحذفت، ليس عندنا إعلال فبقيت كما هي، لماذا لم تقلب ياء؟ لأنها لا تقلب ياء إلا إذا كسر ما قبلها، وهنا ضم ما قبلها فصحت، قيل: حُوكَت.
ابن عقيل لم يرتب الأشهر، الأولى أن يقدم الإشمام
على إخلاص الضم، ولذلك الناظم أراد عيناً أن يقدم الكسر، ثم الإشمام، ثم الضم .. كأن الأول والثاني لغتان فصيحتان، ولذلك قرئ بهما في المتواتر، وأما ضم هذا ما ورد في القرآن، وإخلاص الضم قُول وبُوع.
لَيْتَ وَهَلْ يَنْفَعُ شَيْئاً لَيْتُ؟ ... لَيْتَ شَبَاباً بُوعَ فَاشْتَرَيْتُ
بُوع الأصل بُوِعَ، استثقلت الكسرة على الواو فحذفت وبقيت الضمة وبقيت الواو ليس عندنا إعلال بالقلب.
ثم قال: والإشمام هو الثالث: الإتيان بالفاء بحركة بين الضم والكسر ولا يظهر ذلك إلا في اللفظ ولا يظهر في الخط، قريء في السبعة.