إذاً وَاكْسِرِ هذا فعل أمر، أَوَ اشْ .. أصلها أَشْمِمْ، هنا الهمزة أين ذهبت؟ نقول: بنقل حركة الهمزة إلى الواو أَوَ .. أصل الواو هنا ساكنة، أَوَ حرف مبني على السكون، هنا حركت أَوَ اشْ .. من أين جاءت نقول: حركة الواو هذه؟ أصلها أو أشمم، أشمم من أشمَّ، حينئذٍ نقول: أريد التخفيف بحذف الهمزة، لكن عندنا همزة حرف وهي حرف حلقي ثقيل، ومحرك، قالوا: إذاً لا بد من التدرج، لا نحذفها هكذا بحركتها، وإنما نلقي حركتها إلى ما قبلها إذا كان ساكناً، فقال: أَوَ اشْ .. تحركت الواو بالفتحة، هذه الفتحة من أين جاءت؟ هي حركة الهمزة المحذوفة تخفيفاً.
إذاً أَوَ اشْمِمْ نقول: بنقل حركة الهمزة إلى الواو، أَوَ اشْمِمْ (فا) هذا تنازع فيه اكسر واشمم، سيأتينا التنازع عاملان سلطا على معمول واحد، فَا ثُلاَثِيٍّ، يعني فاء ثلاثي، فا مضاف، وثلاثي مضاف إليه وهو مفعول به، وقلنا هذا يشمل الثلاثي هنا مفتوح العين كبَاعَ فَعَل، ومكسور العين خاف، خِيف أصلها خُوِفَ فُعل ضُرب، استثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى ما قبلها، فقيل: خِوْ .. سكنت الواو وكسر ما قبلها فوجب قلبها ياء.
خُوف مثل بُوع، خُوِف استثقلت الكسرة على الواو فحذفت، فبقيت كما هي.
فَا ثُلاَثِيٍّ أُعِلّ: أُعِلّ هو يعني الثلاثي، بمعنى أن عينه معتلة فقلبت، يعني غيرت عينه، حصل إعلال بالقلب، تنبه إلى الفرق بين معتل ومعل، هذا الصحيح.
أُعِلّ بمعنى غيرت عينه، فخرج المعتل الذي لم تغير عينه نحو: عَوِر، وصَيِد، واعتور .. فإنه إذا بني للمفعول سلك به مسلك الصحيح، وستبقى كما هي صيد وعور كما هو، لا يرد فيه اللغات الثلاث، وإنما ذاك خاص بالمعل.
وَضَمٌّ جَا -في بعض اللغات- كَبُوعَ فَاحْتُمِلْ: فدل على أنه مغتفر في هذا المحل، وهو ضعيف في نفسه، وهذا يدل على أن القرآن محمول على أفصح اللغات، هذه دائماً إذا مر معنا أفصح تجد أن القرآن يأتي دائماً بالأفصح، هنا الكسر والإشمام وارد في القرآن، وأما بُوع مع أنها موجودة لغة، ولذلك قال ابن عقيل: وهي لغة بني دَبِير، والصبان دُبَير يقول بالتصغير، وبني فقعس وهما من فصحاء بني أسد، ومع ذلك لم يرد حرف واحد بصحة الواو أو الياء، والإشمام كما ذكرنا.
وَإِنْ بِشَكْلٍ خِيفَ لَبْسٌ يُجْتَنَبْ ... وَمَا لِبَاعَ قَدْ يُرَى لِنَحْوِ حَبّ
وَإِنْ بِشَكْلٍ خِيفَ لَبْسٌ يُجْتَنَبْ: يعني في اللغات الثلاث السابقة: قِيل، وقُول، والإشمام.
إذاً يضم أوله ضماً خالصاً: قُولَ، ويكسر كسراً خالصاً، وثم ما هو بين المنزلتين، لغة مركبة بين الثنتين.
قد يلتبس الفعل الماضي إذا أسند -وهو مبني للمعلوم- إذا أسند للمتكلم أو المخاطب، قد يكون في أوله مضموماً، أو مكسوراً، فحينئذٍ إذا جيء به وهو مبني للمعلوم مكسوراً، وقد جاز في المبني للمجهول أو مغير الصيغة الكسر يحصل لبس بين الموضعين.