حينئذٍ نقول: قال أصله قُوِلَ، وباع أصله بُوِعَ، قيل أصل قُوِلَ؛ لأنه من قوَل ضرب، ماذا تصنع؟ اعتمد الأصل قَوَلَ، ضم الأول القاف واكسر ما قبل الآخر، تقول: قُوِلَ كضُرب، هنا نظران: استثقلت الكسرة على الواو، فنقلت إلى القاف بعد سلب القاف حركتها، لماذا؟ عندنا الآن إعلال بالنقل، نقل حركات تنقل حركة إلى موضع آخر، عندنا الواو مكسورة، ومعلوم أن الواو إذا كسرت استثقلت الواو، أردنا نقلها إلى القاف، القاف مشغولة بالضم، لا يمكن أن ننقل كسرة الواو إلى القاف إلا بعد أن نزحلق حركة القاف، زحلقناها حذفناها، فنقلنا الكسرة إلى القاف، فقيل: قِو .. يعني سكنت الواو وكسر ما قبل الآخر، والقاعدة: أنه إذا سكنت الواو وكسر ما قبل آخرها وجب قلبها ياء فقيل: قِيلَ، إذاً قيل هذا أصله من باب فُعِل ضُرِب، أصله قُوِلَ كضُرِب استثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى ما قبلها، هذا نسميه إعلال بالنقل، الإعلال بالنقل لا يتم إلا إذا كان الحرف الذي قبل المنقول إليه منقول عنه ساكن، لا بد أن نحذف حركة القاف، فنقلنا الحركة صار قِوْل سكنت الواو وانكسر ما قبلها فوجب قلبها ياء، هذا إعلال بالقلب، فدخله إعلالان: إعلال بالنقل، وإعلال بالقلب.
باع: بِيِعَ، الأصل بُيِعَ، استثقلت الكسرة على الياء –ثقيلة- لأن الكسرة عبارة عن ياء، والياء عبارة عن كسرتين، هذا فيه ثقل، حصل إعلال بالنقل، حينئذٍ نقلنا بعد إسقاط حركة الباء، أصلها بُيِعَ صار بِيعَ، سكنت الياء وكسر ما قبلها، صحت الياء ليس عندنا إعلال بالقلب كما هو الشأن هناك، هناك سكنت الواو وكسر ما قبلها، والقاعدة أنه يجب قلب الواو ياء، لا تبقى الواو هكذا يجب قلبها، أما بِيعَ بعد نقل كسرة الياء إلى ما قبلها صحت الياء، لا تقلب، تقلب إلى أي شيء؟! هي ياء، الياء يناسبها ما قبلها كسرة، وأما هنا قِوْلَ ما يناسب الواو أن يكون ما قبلها مكسورة، وإنما يناسب الياء، حينئذٍ حصل هنا في بِيعَ حصل فيه إعلال بالنقل فحسب، هذه اللغة التي هي الأشهر، ولذلك قدمها الناظم: وَاكْسِرْ هي أعلى اللغات في هذا الباب، ثُلاَثِيّ، معلل عين، كسر فائه هذا هو الأفصح والأشهر.
وَاكْسِرْ، فَا ثُلاَثِيٍّ أُعِلّ عَيْناً وَضَمٌّ جَا: هو نفس اللغة السابقة، وإن كان نسبت إلى بني دبير من بني فقعس وهما من فصحاء بني أسد، أصلها قُوِلَ وبُوِعَ، نفسها، قُوِل قلنا استثقلت الكسرة على الواو، حذفت مباشرة لم تنقل، فصار قُوْلَ، بُوْعَ مثله، فصحت الواو؛ لأن ما قبلها مضموم وليس بمكسور، لو كان ما قبلها مكسور لما صحت الواو، صحت بمعنى: بقيت على حالها لم تقلب، تسمى واواً صحيحة.
بيع أصلها بُيِعَ، احذف الكسرة، بُيْعَ سكنت الياء وضم ما قبلها، لا يناسبها، وجب قلب الياء واواً عكس اللغة السابقة، القلب هناك في قِيل ليس في بِيعَ، وهنا القلب في بوع لا في قُوْلَ، فسكنت الياء وضم ما قبله فوجب قلب الياء واواً فقيل: بُوْعَ.
إذاً قُوْلَ وبُوْعَ بصحة الياء في قُوْلَ وبقلب الياء واواً في بُوْعَ، هذه لغة ثانية، والإشمام بينهما.
وَاكْسِرْ فَا ثُلاَثِيٍّ أُعِلّ: يعني اكسر كسراً خالصاً قيل، ليس مشوباً بضمة.