عَنْ فَاعِلِ حذف لغرض لفظي أو معنوي، فِيما لَهُ يعني: في الذي استقر له –للفاعل- من الأحكام السابقة؛ لأنه سبق أن الفاعل له الرفع، وسبق أن الفاعل يكون بعد الفعل ولا يتقدم عليه، سبق أن الفاعل لا بد من ذكره أو استتاره لا يحذف، سبق أن الفاعل لا بد من تجريد العامل من علامة تدل على تثنيته أو جمعه، فيما إذا كان مثنىً أو جمعاً، سبق أن الفاعل لا بد من تأنيث الفعل له إن كان مؤنثاً حقيقياً بالشرط السابق، وقد يجوز ذلك، سبق أن الفاعل قد لا يتقدم على فاعله، لا بد من تأخره .. وغير ذلك من الأحكام، وهذه بخلافها للمفعول، المفعول الأصل فيه أن يكون منفصلاً عن العامل، وهنا سيكون متصلاً به، الأصل في المفعول أنه منصوب، والأصل في المفعول أنه يجوز تقدمه على العامل، الأصل في المفعول ألا يراعى من جهة كونه مؤنثاً أو لا! ليس له علاقة، العامل لا علاقة له، ضرب زيد هنداً، بخلاف ضربت هند زيداً لا بد من التأنيث إذا كان الفاعل مؤنثاً، حينئذٍ نقول: الأحكام السابقة كلها التي ثبتت للفاعل تثبت للمفعول به، فكان فضلة صار عمدة، كان منصوباً صار مرفوعاً، كان جائز التقدم على العامل صار واجب التأخر، كان الأصل فيه أن ينفصل عن العامل صار الأصل فيه أو الاستحقاق أن يتصل بالعامل، كان الأصل ألا يراعى من جهة التأنيث، فحينئذٍ صار واجب المراعاة من جهة التأنيث: ضرب زيد هنداً، ضُربت هند وجب التأنيث من أجل المفعول به، إذاً كل الأحكام السابقة للفاعل تثبت للمفعول إذا أنيب مناب الفاعل.
كالرفع، والعمدية، ووجوب التأخير، ووجوب ذكره، واستحقاقه الاتصال بالعامل، وكونه كالجزء منه -كان منفصلاً صار كالجزء بدليل أنه يسكن له آخر الفعل الماضي، تأنيث الفعل- لتأنيثه على التفصيل السابق، وإغنائه عن الخبر في نحو: أمضروب العبدان، أغنى هنا عن الخبر، وهو نائب فاعل.
وتجريد العامل من علامة التثنية والجمع على اللغة الفصحى كما سبق.
يَنُوبُ مَفْعُولٌ بِهِ عَنْ فَاعِلِ ... فِيما لَهُ: يعني في الذي استقر له من الأحكام فِيما لَهُ: استقر له، لَهُ هذا متعلق بمحذوف صلة الموصول فيما يعني في الذي استقر له من الأحكام؛ للفاعل من الأحكام السابقة التي بيناها.
كَنِيلَ: كقولك نِيلَ خَيْرُ نَائِلِ: أصلها نال زيد خَيْرُ نَائِلِ، حذف الفاعل الذي هو زيد وأنيب خَيْرُ منابه، فارتفع، كان منصوباً فصار مرفوعاً، كان خيرَ بالنصب، صار خيرُ، كان منفصلاً عن العامل نَائِلِ صار متصلاً به، كان جائز التقدم، نال زيد خير نائل، خير نائل نال زيد، هذا جائز، لكن لما ارتفع على أنه نائب فاعل امتنع.
إذاً كل الأحكام قد ثبتت لنائب الفاعل.
كَنِيلَ خَيْرُ نَائِلِ: يقال نلته المعروف وأنلته ونولته، أي: أعطيته، والاسم النوْل والنوَال، وليس خيرَ نائل، الظاهر أنها ليست أفعل التفضيل ولا مصدراً وإنما هو بمعنى المال، ((إِن تَرَكَ خَيْرَاً)) يعني مالاً، ونائل اسم فاعل، فالمعنى أُعطي مال شخص نائل، أي معطٍ، إذاً نِيلَ، نقول: هذا مغير الصيغة كما سيأتي، وخَيْرً هذا نائب عن الفاعل المحذوف؛ إذ الأصل نال زيد خير نائل.