فَأَوَّلَ الْفِعْلِ اضْمُمَنْ وَالمُتَّصِلْ: بعد أن بين لنا أن المفعول ينوب مناب الفاعل في الأحكام السابقة كلها، حينئذٍ إذا ناب فالأصل بقاء الفعل على ما كان عليه، إذا قيل: ضرب زيد عمراً، حذفت الفاعل وهو زيد وأعطيت الأحكام كلها السابقة لعمرو، فقلت: ضرب عمرو، رفعت عمراً بعد أن كان منصوباً واتصل بالعامل بعد أن كان منفصلاً، حينئذٍ التبس بالفاعل، ضرب زيد ضرب عمرو، ما الذي أدرانا أن هذا نائب وهذا فاعل! فأوجب النحاة على ما استعمل في لسان العرب من تغيير الصيغة للدلالة على أن ما بعده نائب فاعل وليس بفاعل، فمنذ أن ينطق بالفعل في أول الكلام تعلم أن الذي سيذكر بعده نائب فاعل وليس بفاعل، منذ أن تقرأ أو تسمع ضُرب تعلم أن زيد الذي يليه نائب فاعل، ما الذي أدرانا؟ تغيير الصيغة.

إذاً: يجب تغيير الصيغة من أجل تمييز النائب -نائب الفاعل- عن الفاعل؛ لأنه لو لم تغير الصيغة لالتبس ذا بذاك، فقيل: ضرب زيد عمرو، ضرب عمرو، حينئذٍ ما حصل حذف وأين النائب؟ وما الذي دلنا على هذا؟ فلذلك وجب تغيير الصيغة، والأبيات التي ستأتي معنا كلها في بيان الأحكام المتعلقة بالفعل من أجل الحكم على أن ما بعده نائب فاعل وليس بفاعل، وهذه كلها في الجملة متفق عليها ليس فيها خلاف.

فقال رحمه الله: فَأَوَّلَ الْفِعْلِ اضْمُمَنْ: إذاً للانتقال.

يَنُوبُ مَفْعُولٌ بِهِ عَنْ فَاعِلِ ... فِيمَا لَهُ كَنِيلَ خَيْرُ نَائِلِ

ثم ينتقل إلى الفعل، نقول: لماذا؟ لبيان أن الفعل يجب تغييره تغيير صيغته من أجل تأكيد الحكم على أن ما بعد الفعل نائب فاعل وليس بفاعل.

فَأَوَّلَ: هذه الفاء للتفريع، يعني إذا ناب المفعول مناب الفاعل يتفرع على ذلك وجوب تغيير الصيغة، ولا تتركه هكذا ضرب زيد عمراً، ضرب عمرو؛ لأنك لو تركته دون أن تضم أوله لالتبس بالفاعل.

فَأَوَّلَ -الفاء هذه للتفريع- الْفِعْلِ اضْمُمَنْ: اضْمُمَنْ: هذا فعل أمر اتصل به نون التوكيد الخفيفة، فهو مبني معها على الفتح.

أَوَّلَ الْفِعْلِ: هذا مفعول به مقدم، والأصل في الفعل المؤكد ألا يتقدم معموله عليه، جماهير النحاة على ذلك إلا في مقام الضرورة كالبيت هنا، وإلا الأصل اضْمُمَنْ أَوَّلَ الْفِعْلِ، لا يجوز أن يتقدم، فإذا أعرب مثل هذا التركيب (أَوَّلَ) مفعول به لـ (اضْمُمَنْ) وهو مؤكد، سواء كان مؤكداً بالنون أو بقد أو باللام أو نحو ذلك، لا يجوز أن يتقدم معموله عليه إلا في مقام الضرورة كالوزن ونحو ذلك.

هنا أَوَّلَ: نقول هذا مفعول به مقدم على اضْمُمَنْ وهو العامل فيه.

فَأَوَّلَ الْفِعْلِ: المراد بأول الفعل (فاء الفعل)؛ لأن ضَرَبَ على وزن فَعَلَ، فاء الفعل هي الأول، وعين الفعل هي الثاني، ولام الفعل هي الثالث، وهذه اصطلاحات عند الصرفيين، يسمون الأول من الكلمة الأصلية الحرف الأصلي يسمى فاء الفعل؛ لأنه مقابل للفاء في الوزن، فيقال: ضرب على وزن فعل، ففعل ضرب، الضاد هي فاء الفعل، والراء هي عين الفعل، والباء هي لام الفعل.

فاضْمُمَنْ أَوَّلَ الْفِعْلِ، يعني فاء الفعل الذي هو الحرف الأصلي، وهذا المراد به في الثلاثي كما سيأتي.

فَأَوَّلَ الْفِعْلِ: أي فاء الكلمة -الفعل الذي تبنيه للمفعول-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015