* شرح الترجمة (النائب عن الفاعل) ـ
* أحكام ما ينوب عن الفاعل (المفعول به) ـ
* صورة بناء فعل النائب عن الفاعل.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال الناظم رحمه الله تعالى: النَّائِبُ عَنِ الفَاعِلِ.
بعدما بين لنا أحكام الفاعل ذكر ما ينوب عنه وعنون بهذا العنوان المختصر وهو النَّائِبُ عَنِ الفَاعِلِ، وهذه العبارة أولى مما يعبر به عند بعضهم بِالْمَفْعُولِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، من جهتين:
أولاً: أن تلك العبارة فيها طول: الْمَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فهي ست كلمات، وأما النَّائِبُ عَنِ الفَاعِلِ هذه ثلاث كلمات في الجملة.
كذلك الْمَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ يصدق على ديناراً من نحو: أعطي زيد ديناراً أعطي هذا فعل ماضي مغير الصيغة وزيد هذا نائب فاعل، وديناراً هذا مفعول لم يسم فاعله، فحينئذٍ دخل فيه ما الأصل خروجه، وعدم صدقه على الظرف وغيره مما ينوب عن الفاعل، النائب عن الفاعل هذا أعم، وأما المفعول الذي لم يسم فاعله فحينئذٍ نحتاج إلى الظرف الذي لم يسم فاعله، والمصدر الذي لم يسم فاعله، والجار والمجرور الذي لم يسم فاعله؛ لأننا خصصنا الحكم بالمفعول به، وحينئذٍ خرج الظرف والجار والمجرور والمصدر، ولذا قلنا: النائب عن الفاعل أعمل، وأجيب بأنه صار علماً بالغلبة، المفعول الذي يسم فاعله صار علماً بالغلبة، مثل جمع المؤنث السالم، حينئذٍ المفعول سمي مفعولاً باعتبار الأصل؛ لأنه لا ينوب المصدر والجار والمجرور ولا الظرف إذا وجد المفعول؛ فهو سيدهم، وحينئذٍ إذا وجد المفعول به امتنع إقامة غيره كما هو مذهب البصريين خلافاً للكوفيين.
فإذا قيل: الْمَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ عبر بالأصل فحينئذٍ صار علماً بالغلبة على ما ينوب عن الفاعل، ومع ذلك فالأولى أن يقال: النائب عن الفاعل لما ذكرناه، هي أخصر من حيث الكلمات وتصدق النائب عن الفاعل، ويدخل فيه المفعول ويدخل فيه الجار والمجرور والظرف بنوعيه المكاني والزماني، ويدخل فيه المصدر، وكذلك لا يصدق على ديناراً: أعطي زيد ديناراً بخلاف الجملة السابقةز
النَّائِبُ عَنِ الفَاعِلِ.
يَنُوبُ مَفْعُولٌ بِهِ عَنْ فَاعِلِ ... فِيمَا لَهُ كَنِيلَ خَيْرُ نَائِلِ
يحذف الفاعل لغرض من الأغراض اللفظية أو المعنوية، وبحث هذه المسألة يعتني بها البيانيون، لماذا يحذف الفاعل ويناب عنه غيره! ولكن في الجملة نقول: يحذف الفاعل إما لغرض لفظي وإما لغرض معنوي، أما الأسباب اللفظية فهذه كثيرة منها: القصد للإيجاز في العبارة -الاختصار-، ((فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ)) لا شك أن الذي يعاقب به الإنسان قد لا يمكن حصره، فحينئذٍ حذف الفاعل هنا وأنيب المفعول به منابه من أجل الاختصار، ومنها المحافظة على السجع الكلام المنثور كما ذكر ابن هشام ذلك في شرح القطر، ومثل له بقوله: "مَنْ طَابَتْ سَرِيرَتُهُ حُمِدَتْ سِيرَتُهُ"، يعني حمد الناس سيرته؛ إذ لو ذُكر الفاعل لطالت الفاصلة، ولم تكن موافية لما سبق، كذلك المحافظة على الوزن في الشعر؛ إذ لو ذكر الفاعل قد ينكسر معه الوزن وقد يطول به الكلام، ويمثلون لذلك بقول الأعشى: