وَشَاعَ: أي كثر وظهر تقديم المفعول على الفاعل إذا اتصل به ضمير يعود على الفاعل ولم يبالغ بعود الضمير على متأخر؛ لأنه متقدم في الرتبة.
وَشَذَّ نَحْوُ: شَذَّ تقديم الفاعل إذا اتصل به ضمير يعود على المفعول لعوده على متأخر لفظاً ورتبة.
زَانَ نَوْرُهُ الشَّجَرْ، نقول: نَوْرُهُ؛ هذا فاعل، اتصل به ضمير يعود إلى الشجر وهو مفعول به، إذاً: عاد على متأخر في اللفظ والرتبة، وهذا مختلف فيه، قيل: يجوز في الشعر والنثر مطلقاً، وقيل: يجوز في الشعر لا في النثر، وهذا ظاهر كلام ابن مالك رحمه الله تعالى. وقيل: يمتنع في الشعر والنثر.
إذاً: قيل: يجوز مطلقاً ويمتنع مطلقاً، وقيل: يجوز في الشعر لا في النثر.
إذاً: وَشَاعَ نَحْوُ خَافَ رَبَّهُ عُمَرْ؛ هذا جائز وموجود في لسان العرب، بل موجود في فصيح الكلام وهو القرآن.
وَشَذَّ نَحْوُ زَانَ نَوْرُهُ
زَانَ نَوْرُهُ: المراد النور إزهار الشجرة، يقال: نورت الشجرة تنويراً وأنارت أي: أخرجت نورها.
نَوْرُ: هذا فاعل اتصل به ضمير يعود إلى متأخر في اللفظ والرتبة، وهذا ممتنع إلا في ست مسائل:
الأولى: أن يكون الضمير مرفوعاً بـ (نِعْمَ وبابه) نِعْم رجلاً زيد، باب (نِعْمَ) أن يكون الضمير مرفوعاً بنعم وبابه، نعم رجلاً زيد، أين الفاعل؟ مستتر، أين مرجعه؟ زيد، متأخر، وظرف رجلاً زيد؛ مثله.
الثاني: أن يكون مرفوعاً بأول المتنازعين المعمول ثانيهما، (جَفَوْنيِ وَلَمْ أَجْفُ الأخِلاّءَ إنَّنِي)، وهذا سيأتينا.
الثالث: أن يكون مخبراً عنه بخبر يفسره، ((إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا)) هِيَ: مبتدأ، وحَيَاتُنَا الدُّنْيَا: هذا خبر، هي؛ الضمير يرجع إلى الحياة، إذاً: رجع إلى متأخر.
رابعاً: ضمير الشأن والقصة، وهذا سبق معنا مراراً ((هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)).
خامساً: أن يجر برُبَّ، رُبَّهُ فَتَى، رُبَّه: مرجع رُبَّ يكون متأخراً وسيأتي في حروف الجر.
سادساً: أن يبدل منه المفسر، نحو: ضربته زيداً، زيداً بدل من ضربته، ضربته زيداً، مرجع الضمير (ضربته) المتأخر وهو مفسر للضمير.
إذاً: هذه ست مواضع يجوز فيها لغة وهو فصيح مرجع الضمير أن يكون متأخراً، وما عداها يعتبر شاذاً، وهو الذي أشار إليه بقوله: وَشَذَّ نَحْوُ زَانَ نَوْرُهُ الشَّجَرْ.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين ... !!!